Notice: _load_textdomain_just_in_time تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. Translation loading for the lightmag domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.7.0.) in /home/saaa25or/public_html/bakoka/wp-includes/functions.php on line 6114
عرض كتاب: “الاقتصاد السياسي في سوريا” – البعكوكة 25

عرض كتاب: “الاقتصاد السياسي في سوريا”

هيئة التحريرآخر تحديث :
iqzjrts dxqpf 845

iqzjrts dxqpf 845تأليف: فولكر بيرتس – عرض: حسين عبد العزيز
يعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب التي تناولت الاقتصاد السياسي في سوريا، عبر تحليل عميق للعلاقة التفاعلية بين الدولة والاقتصاد والمجتمع منذ عام 1970 وحتى يومنا هذا. وعندما يعالج المؤلف هذه العلاقة التفاعلية، فإنه يسوق الأدلة التي تبين أنه على الرغم من أن تحولا في بنية السلطة لن يحدث في ظل حكم الأسد، فإن نظامه خلق تلك المؤسسات التي تتيح انتقالا يسير للسلطة.

ظهور اقتصاد الدولة وتحوله:
أقيم التطور الاقتصادي في سوريا على مجموعة من اختلالات التوازن التي تمثل تمثيلا نموذجيا تلك البلدان التي انتهجت نهج التصنيع البديل للاستيراد بقيادة الدولة، فالميزان التجاري كان تقليديا في حالة عجز منذ عام 1970 وكانت البلاد مستوردا خالصا للمواد الغذائية، وفي منتصف الثمانينيات كانت الصادرات تغطي 40% من نسبة الواردات، ومع هبوط تدفق حوالات العمالة في الخارج والمعونة الرسمية، صار الحساب الجاري سلبيا ووجدت الدولة نفسها على حافة الإفلاس من القطع الأجنبي.

وعلى الرغم من أن القطاع العام استطاع عبر نهج التصنيع البديل تغطية الضرورات الاستهلاكية المتنامية، إلا أنه بحسب المؤلف لم يصبح بحد ذاته وسيلة لتراكم رأس المال، ففجوة الموارد، أي الفرق بين الاستثمارات والمدخرات المحلية وصلت إلى معدل أقل من 5% من إجمالي الناتج المحلي.

howxba sazuw 372في ظل حكم البعث كانت المصالح السياسية والاجتماعية هي التي تتحكم بالسياسات الاقتصادية، فالبراغماتية في شؤون صنع السياسة الاقتصادية هي التي تدمغ حكم الأسد، إنها تعبير عن ذلك المنهج الذي يعتبر الاقتصاد وصيفا للسياسة.

ومع الأسد ظلت سوريا تنتهج منهج التصنيع البديل للاستيراد، ولو أنه كان منهج رأسمالية الدولة لا اشتراكية الدولة، فقد كان معروفا عن حافظ الأسد رغبته في التقليل من الاعتماد على الكتلة الاشتراكية والانفتاح على الدول العربية والغربية وداخليا على القطاع الخاص.

ولكن ظل نمط الاستثمار والتطور العام في السبعينيات موضع نقد شديد، فتكاليف المشاريع كانت موضع مراقبة ضعيفة إضافة إلى العوائق المالية وقلة وسائط النقل والأيدي العاملة الماهرة، وفي الوقت الذي كان فيه الاستثمار كثيفا في التكنولوجيا المستوردة، فإن البحث والتطور المحليين ما كان لهما أي وجود، فمعظم الصناعات الجديدة كانت كثيفة رأس المال لا كثيفة العمل، كما أن التعيينات السياسية والزبائنية والهياكل البيروقراطية التي كانت تعاقب المبادهات وتتقبل الخسائر على أنها أمور طبيعية، فضلا عن الفساد والسرقة، كلها ساهمت في تفاقم الوضع.

غير أن التدفق الغزير للموارد المالية الخارجية أتاح لسوريا التعايش مع اختلالات توازن هيكلية الاقتصاد، وحين بدأ يتناقص تدفق المعونة العربية في منتصف الثمانينيات برزت أزمة خطيرة تمثلت في تقليص استيراد السلع الاستهلاكية والمدخلات الزراعية والصناعية بمعزل عن أي تخطيط.

بدأ الأسد في مطلع السبعينيات سلسلة تدابير تستهدف الحصول على ثقة القطاع الخاص، حيث أزيلت قيود الاستيراد عن بعض السلع، وصار مسموحا لرجال الأعمال الاستيراد دون تحويل القطع الأجنبي. وفي عام 1977 أطلقت آخر خطوة هامة في عملية الانفتاح حين تعهد مقاولو عدد من المشروعات لتطوير صناعة السياحة، لكن العوائق الاقتصادية والتدهور في ميزان المدفوعات دفع الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها التحررية التي جعلت الانفتاح يشرف على النهاية.

وفي منتصف الثمانينيات بدأت الدولة تحت ضغط تناقص الموارد الحكومية وميزانيات التقشف، بإطلاق عملية انفتاح ثان وإن كانت أسبابه مختلفة: الانفتاح الأول مطلع السبعينيات جاء نتيجة الوفرة المالية بسبب القطع الأجنبي الذي كان يدخل البلاد عبر المعونة الخليجية، أما الانفتاح الثاني فقد جاء بسبب ندرة الموارد المالية ووصول الدولة إلى حافة الإفلاس.

كانت سياسات الانفتاح الأول بمثابة الأداة لتوزيع ما تزايد لدى الدولة من عائدات نفطية وسياسية، فيما كان الهدف في الثمانينيات حشد الموارد المالية لدى القطاع الخاص للتعويض عن عجز الدولة لا الحفاظ على إستراتيجيتها في قيادة النمو وحسب، بل تأمين إمدادات السلع الاستهلاكية ومدخلات الإنتاج المستوردة للقطاع الخاص والعام على السواء.

بنية تسلطية:
1- الأمن: القوات العسكرية وأجهزة الأمن هي أكثر الأدوات الموثوقة والموجودة تحت تصرف النظام، وهي أقوى اللاعبين الموجودين على مسرح المؤسسات، وعلى الرغم من المستوى الرفيع الذي بلغه التجييش الاجتماعي والتدريب العسكري للأجيال الشابة يجدر بنا الشك -والكلام للمؤلف- في أن يكون الجهاز الأمني قد استحوذ على قلوب وعقول أكثر من ربع السكان، لكن النظام استطاع -يتابع المؤلف- أن يتحكم بسلوك معظم السوريين بسبب تغلغل جهاز الاستخبارات في أعماق المجتمع.

إن مراقبة الاستخبارات للناس أمر مكشوف للعموم، غايته الحفاظ على مناخ من الخوف والإذعان، وليس هناك مؤسسة يستطيع المواطنون التقدم إليها بشكوى حول سلوكيات الأجهزة الأمنية تجاههم.

ومع تمتع جهاز الأمن بنفوذ كبير، إلا أنه لم يعد يتدخل بشكل مباشر في السياسات الاقتصادية أو غيرها من الميادين السياسية المدنية، ولا يسمح بالمقابل للحكومة التدخل في الشؤون العسكرية والأمنية، والصراع الذي نشب عام 86 بين رئيس الحكومة عبد الرؤوف الكسم والطبقة العسكرية يوضح طبيعة هذه العلاقة، حين اتهم الكسم مؤسسة الإسكان العسكري بتورطها بالفساد عبر شراء مبالغ ضخمة من القطع الأجنبي من السوق السوداء مما شكل عبئا على الاقتصاد، وتطور الخلاف إلى أن انتهى بإقالة الرجلين.

2- حزب البعث: كان حافظ الأسد في موقع الأقلية في القيادة الحزبية التي أطاحها عام 1970، وكان يقظا حيال الحزب ووطأته السياسية، وانتشرت شائعات آنذاك عن سعي الأسد إلى حل الحزب، لكنه قام بتحويله عبر إدخال مزيد من الأعضاء في صفوفه بغية تحييد الأعضاء المؤيدين للقيادة اليسارية.

يقول المؤلف إن أولى الخطوات كانت إزالة البنية الأيديولوجية عنه وإعادة بنائه كي يجد له مكانا في البنية السلطوية الجديدة وشبكة “استزبان” رئيسية للنظام، ومنذ عام 1970 انفتحت الأبواب أمام الناس حتى بعض العناصر السابقين من الإخوان المسلمين، وأعيد تنظيم الحزب على أسس هرمية شبه عسكرية، فلم تعد قيادات الفروع والشعب تنتخب انتخابا من قبل أعضاء المؤتمرات المحلية، بل تعين تعيينا من القيادة القطرية.

ومع تحوله إلى مؤسسة قوية بدأ يفقد عقائديته ولم يعد تلك المؤسسة القادرة على تعبئة الجماهير، حيث تحول إلى أداة للرقابة وشبكة للوصاية، فالخلايا الحزبية في معامل القطاع العام على سبيل المثال تقدم تقارير دورية إلى المكتب الاقتصادي في فروعها الحزبية عن أداء تلك المعامل.

إن تحول الحزب إلى مؤسسة رقابة جعله يقوم مقام جهاز الإنذار السياسي المبكر عن سوء الأحوال، إذ يزود القيادة بصورة عن واقع الرأي العام، وهنا تصبح الحدود الفاصلة بين الحزب كمؤسسة سياسية والجهاز الأمني حدودا مشوشة.

3- الجبهة الوطنية: يرى المؤلف أن المهمة الظاهرية للجبهة كان تجميع القوى الوطنية بغية الوصول إلى قدر أوفى من التلاحم، لكن تأسيس الجبهة أدى عمليا إلى ترسيخ النظام وتحييد المعارضة المحتملة، حيث وافقت الأحزاب غير البعثية على الكف عن أي نشاط سياسي بين القوات المسلحة وبين الطلاب.

وتمثل أحزاب الجبهة غير البعثية في البرلمان كما تمثل في مجالس المحافظات والمجالس المحلية، فضلا عن أن لكل حزب منصبا وزاريا صغيرا أو منصبين، ولا يحق لهذه الأحزاب أن تختار من بين أعضائها من سيكون وزيرا، بل تتقدم بمرشحين والرئيس هو من يختار من بينهم من سيكون وزيرا. لقد خسرت أحزاب الجبهة الشيء الكثير من مصداقيتها جراء ربط أنفسها بالبعث، وبلغ مستوى تزلفها للبعث أن وافقت على سياسات ناقضت مبادئها الأيديولوجية.

4- البرلمان: انعقدت أول انتخابات برلمانية تحت حكم الأسد عام 1973، وكان التصويت حرا نسبيا عدا انتخابات عام 1981 التي اتسمت بالقسوة البالغة، فضلا عن أن تلاعبات أقل وقعت في سنوات أخرى أيضا، فقد كان الاختيار محدودا، لأن التلاعب حل بالترشيحات على نطاق واسع، وكانت المشاركة محظورة على أية أحزاب خارج الجبهة الوطنية، في حين أن فرصة فوز المستقلين كانت محدودة للغاية، اللهم إلا من كانوا على تفاهم مع النظام.

لم يقم البرلمان بتصريف القضايا السياسية الهامة، بل اكتفى بدور إداري، ودون أي تأثير على الأجهزة الأمنية أو على تعامل النظام مع قضايا حقوق الإنسان، وحتى الميزانية لم تكن من مجال اختصاصه.

سوريا في عهد بشار الأسد:
من المثير للاهتمام رؤية كيف أن بعض التطورات التي كانت في مرحلة بداياتها الأولى في ذلك الوقت ظهرت للعيان، ففي التسعينيات كان التحرر الاقتصادي لا يزال في بدايته الأولى، وكان الناس ما زالوا يناقشون ما إذا كان ينبغي السماح باستيراد السيارات الخاصة أم لا، ولم يكن هناك نقاش البتة حول البنوك الخاصة، أو شركات التأمين الخاصة، أو شركات الكهرباء الخاصة التي ظهرت في حكم الأسد، حتى البورصة أصبحت موجودة.

وعلى نحو مختلف عن التسعينيات أصبح القطاع الخاص إلى حد بعيد في الصدارة، وهنا يكمن الاختلال السياسي الكبير بحسب المؤلف، فما بدأ في حكم حافظ الأسد بطريقة حذرة جدا، تم التعجيل به وإعطاؤه أبعادا جديدة في ظل بشار الأسد.

ومع أن الطبقة الوسطى أصبحت أفضل حالا، إلا أن التفاوت الاجتماعي تزايد، وأصبح هناك فقر جديد في أسفل الهرم الاجتماعي، وظهرت بالمقابل طبقة جديدة من الأثرياء جدا، والفساد الذي هو مشكلة دائمة في سوريا ازداد أيضا، فقد كان مرضا في عهد حافظ الأسد واليوم أصبح سرطانا.

وبخلاف توقعات المراقبين السوريين والأجانب، لم يجر إصلاح الهياكل السياسية في سوريا، وأصبح للأجهزة الأمنية تأثير سياسي أكثر من أي وقت مضى، والسلطة القضائية غير مستقرة، وأنشئت بعض الوسائل الإعلامية الخاصة، لكنها ما زالت تتكلم بلسان حال النظام، وخابت الآمال بانفتاح سياسي، وهنا يرى المؤلف أن طريقة الرئيس بشار الأسد نوع من التحديث السلطوي.

ومع أنه جرت مناقشة مشاريع لقانون الأحزاب منتصف العقد الماضي، إلا أنها وضعت على الرف، واعتبرت شخصيات سورية أن هذا التجميد ساعد البلاد في الحفاظ على استقرارها الداخلي في الوقت الذي عمت فيه الفوضى في العراق، ومع أنه لا يمكن للمرء أن يرفض حجة النظام -يقول المؤلف- إلا أنه يجب القول أيضا أن هذا الاستقرار أتى على حساب الركود السياسي.

وكذلك فإن الحال في مجال حقوق الإنسان لم تتحسن، فقد عُرقل عدد كبير من العقول الذكية، وسجن الأعضاء البارزون والأقل بروزا من جماعات الإصلاح وحقوق الإنسان، ولم يكن أحدا مقتنعا من أركان النظام أن هؤلاء الناشطين يريدون ببساطة المساهمة في تنمية بلادهم، وأدى قمع جماعات الإصلاح السياسي إلى عرقلة إقامة معارضة مخلصة وبناءة.

هذه الأوضاع السياسية والاقتصادية المأزومة في البلاد كان لا بد لها أن تتفجر في أي لحظة، وكان الربيع العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا قد خلق المناخ المناسب لانطلاق الاحتجاجات بشكل واسع في سوريا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة