أقرّ وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بصعوبة إدخال محافظة إدلب السورية، في اتفاق مناطق خفض التصعيد. وذلك بعد يومين من إعلان وزارة دفاع بلاده، عن عزمها إعلان اتفاق بخصوص المدينة، يدخلها في ما بات يعرف بمناطق خفض التصعيد، الأخيرة التي بدأت في جنوب غربي سوريا، ثم الغوطة الشرقية لدمشق، وأخيراً في شمال محافظة حمص.
وقال لافروف إن إدلب هي “المنطقة الأعقد” بالنسبة لمناطق خفض التصعيد. وبالنسبة إليه، فإن “التعقيد” في إدلب مصدره وجود “متطرفين” إلى جوار معارضين للأسد.الدور التركيواجتمع في طهران، الثلاثاء، ممثلون من روسيا وتركيا وإيران، وهي الدول التي أقرّت في العاصمة الكازاخية أستانا اتفاق خفض التصعيد، من أجل البحث في آلية تعزيز المناطق التي دخلت في “وقف التصعيد” ودراسة إمكانية إدخال مناطق جديدة في الاتفاق، كمنطقة إدلب.ويأتي الاجتماع السالف، قبيل انعقاد جلسة جديدة من “أستانا” المرجح انعقاده الشهر الجاري. الاجتماع الذي ستكون إدلب في صميم مجرياته، ويرى متابعون أن “أستانا” هو الذي سيكشف مدى “التعقيد” الفعلي لإدلب.وبينما يستمر اجتماع الدول الثلاث، حتى الأربعاء، رأى محللون أن لا إمكانية لحلّ “معضلة إدلب” في المدى القريب، خصوصاً أن بعض ضامني اتفاق خفض التصعيد الذي أقرّ في “أستانا” يمثّلون طرفاً يتداخل مع “إدلب”، وهو الطرف التركي الذي تتربع محافظ إدلب على حدوده، في الوقت الذي سيطرت فيه جماعات مصنّفة “إرهابية”، على جزء كبير من أراضيها، وكذلك يتعامل معها نظام الأسد كمنفى لمعارضيه الذين يخيّرهم بين إلقاء السلاح أو التهجير إليها.ويرى مراقبون أن صعوبة إدلب تكمن في حاجتها إلى إبرام اتفاقيات كبرى، تؤمّن تنازلات كبرى، من جميع الأطراف. وإلا فإن المحافظة التي باتت مأوى لمعارضين هجّرهم الأسد، قسرياً، ستمثّل عقبة تمثّل امتحاناً لمدى قوة التحالف الذي يربط الروس والأتراك، في ما يتعلق بالشأن السوري.يشار إلى تركيا، حصرياً، لدى الحديث عن محافظة إدلب السورية، بعد اكتمال التحالف بين الأميركيين وقوات سوريا الديمقراطية، في شمال سوريا، ولم ينجح الاعتراض التركي على تسليح الأميركيين لقوات كردية تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمّال الكردستاني، بثني واشنطن عن تمتين هذا التحالف بشقه العسكري، خصوصاً بعدما أشارت الأنباء إلى وصول إمداد عسكري أميركي إلى قوات سوريا الديمقراطية، في اليومين الأخيرين، ونقلا عن مصادر تركية.ولهذا أشار بعض المحللين الاستراتيجيين، من مثل الباحث مايكل ستيفنس، لصحيفة روسية، إلى أن الأتراك “غير قادرين على فعل شيء” وأن هذا الأمر سيكون سبباً حاسماً في تقارب مع الروس لحل معضلة إدلب وإدخالها في “خفض التصعيد”.الدور الإيرانيكما أن طهران لا تقوى على فعل شيء، خصوصاً بعد توافقات دولية جمعت واشنطن بموسكو، قبيل إعلان جنوب غربي سوريا منطقة خفض تصعيد، والذي دخل حيز التنفيذ في التاسع من شهر تموز/ يوليو الماضي، حيث نص هذا الاتفاق الروسي الأميركي وبرعاية أردنية، على إبعاد ميليشيات إيران عن حدود عمّان.هذا خصوصاً أن اتفاقَي خفض التصعيد الآخرَين، في الغوطة الشرقية بتاريخ 22 تموز/ يوليو، وشمال حمص في الثالث من الجاري، تمّا بدون أي دور يذكر، سواء لطهران أو لأنقرة.حاجة ماسّة للدور الأميركيولهذا تبرز حاجة ماسة أمام روسيا، لإشراك الطرف الأميركي، بشكل ملح، لحل “معضلة” إدلب. وهو ما أشار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في منتدى “آسيان” عندما قال إن بدء المعالجة تبدأ من أطراف “أستانا” الثلاثة، الضامنة، ولاعبين آخرين، بمن فيهم الولايات المتحدة الأميركية.وفي العودة إلى الدور التركي المرتقب، فإن اتفاقات أستانا” والشراكة التي تفترضها ما بين ثلاثيته الروسية والتركية والإيرانية، تجعل من الصعب على أنقرة حل معضلة إدلب عبر الخيار العسكري، من طرف واحد، خاصة أن تدخلها العسكري في إدلب، سيتطلب من الروس موافقة حليفهم الأسد وحليفه الإيراني، على حد سواء، وقد يعرّض اتفاقات أستانا لمخاطر التناقض بين الأجندات.وحسب ما قاله الأكاديمي والباحث الروسي ليونيد إيساييف، فإن تركيا بوسعها التدخل عسكرياً في إدلب، إلا أن هذا يشكل مخاطر على ضامني “أستانا” الثلاثة، ويهدّد اتفاقياتهم وتفاهماتهم على شؤون سوريا.طُول ساعات الاجتماع ما بين روسيا وتركيا وإيران، في طهران، في لقاء مخصص لبحث مناطق خفض التصعيد، بما فيها إضافة إدلب إليها، تؤكد ما ذهب إليه المحللون من “تعقيدات” إدلب.وما يزيد من تعقيدات معضلة #إدلب، هو أن حاجة الروس لدور أميركي، في حلّها، كما قال وزير الخارجية الروسي، غير ممكن بوجود الطرف الإيراني، لأن واشنطن أعلنت سعيها لتقليص دور طهران في سوريا، ولن تدخل معها في اتفاق، “في سوريا وعن سوريا”، بطبيعة الحال، كما يرى متابعون.وهكذا يبرز وجود طهران، كطرف ضامن من أطراف “أستانا” عائقاً أمام تسهيل الحل لإدخال إدلب في خفض التصعيد. حيث يرجّح إخراجها، كشرط أميركي مفترض، من أي اتفاق بخصوص المدينة، على غرار إخراجها من اتفاق الغوطة الشرقية وشمال حمص الأخيرين.
العربية