أبدى المجلس الوطني السوري أسفه «البالغ» لتصويت بعض الدول ضد قرار مجلس حقوق الإنسان (01 – 06)، الذي يطلب من لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا إجراء «تحقيق خاص» حول مجزرة الحولة من أجل جلب مرتكبيها للعدالة. وفي حين رأى في مواقف هذه الدول «خطوة تسيء إلى مستقبل علاقاتها مع الشعب السوري»، حذر رئيس المجلس الوطني المستقيل الدكتور برهان غليون، في حديث تلفزيوني، من «إعلان روسيا عدوة للشعب السوري إذا استمرت في سياستها الحالية المؤيدة للنظام السوري الذي يقتل الشعب».
وتزامنت مواقف المجلس الوطني ورئيسه مع إعلان المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي أنه «يجب ألا يكون هناك عفو عام عن الجرائم المرتكبة في سوريا، حتى لو أدى الخوف من الملاحقة القانونية إلى تحفيز عناصر النظام على التشبث بالسلطة بأي ثمن». وقالت بيلاي، وفق ما نقلته عنها وكالة «أسوشييتد برس» في بروكسل، ردا على سؤال حول إمكانية السماح للرئيس السوري بشار الأسد بترك السلطة مقابل توفير ملاذ آمن له، إن «الزعماء قد يميلون إلى حل سياسي نفعي يشمل العفو أو التعهد بعدم الملاحقة، إلا أن ذلك خطأ تحت القانون الدولي». وشددت على أنه «لا نستطيع العفو عن الجرائم الخطيرة.. لذلك، رسالتي واضحة جدا – يجب أن تكون هناك مساءلة».
وحمل عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني، أحمد رمضان، لـ«الشرق الأوسط»، على «محاولة بعض الدول تبرير موقفها الرافض للقرار من خلال تبني رواية النظام السوري»، واصفا إياها بأنها «رواية ركيكة ومفككة وبعيدة عن أرض الواقع بل خالية من المنطق».
وأعرب رمضان عن اعتقاده أن «القيادة الروسية لم تحسن قراءة المتغيرات في العالم العربي، ولم تكن ذكية بما يكفي لمعرفة ماذا يجري من تغيير فعلي، ولا تزال تراهن على نظام بشار الأسد بوصفه حليفا لها، لكنها بالمقابل خسرت الشعب السوري بمكوناته كافة». ورأى أن «فرصة روسيا لتعديل موقفها باتت ضيقة ومحدودة وإذا لم تتداركه فخسارتها على النطاقين العربي والإسلامي ستكون كبيرة»، لافتا إلى «استياء عربي عارم من الموقف الروسي الذي تجاوز الحدود المقبولة سياسيا للتغطية على جريمة واضحة للعيان وضحاياها من المدنيين الأبرياء».
وكان المجلس الوطني أعرب في بيان أمس عن «تقديره لكافة الدول التي صوتت إلى جانب قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة»، معلنا دعمه للقرار الذي «يدين بأشد العبارات عمليات القتل الهمجية» لعشرات الأطفال. ودعا إلى «إجراء تحقيق خاص وشامل ومستقل ودون عوائق بما يتفق مع المعايير العالمية»، مطالبا بضرورة «إجراء تحقيق دولي شفاف ومستقل وسريع حول انتهاكات القانون الدولي من أجل محاسبة المسؤولين، بما في ذلك الانتهاكات التي يمكن أن تشكل جرائم ضد الإنسانية». ولفت المجلس الوطني الانتباه إلى تقرير لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب الذي كشف عن أن قوات النظام وميليشياته عذبت مدنيين من بينهم أطفال، وأحدثت بهم عاهات مستديمة بناء على «أمر مباشر» من مسؤولي النظام. وأدان التقرير «الاستخدام الواسع للتعذيب والمعاملة القاسية للمحتجزين وللأفراد الذين يشتبه في مشاركتهم في مظاهرات وللصحافيين ومدوني الإنترنت والمنشقين عن قوات الأمن ولأشخاص مصابين أو جرحى نساء وأطفالا».
وبينما دعا المجلس الوطني «مجلس الأمن الدولي إلى دعم قرار مجلس حقوق الإنسان والعمل على إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية»، أكد غليون في حديث تلفزيوني أن «خيار تشكيل قوة ردع عربية للتدخل في سوريا أو تحويل المراقبين الدوليين إلى قوة حفظ سلام هو خيار مطروح على طاولة البحث».
من ناحيته، أوضح رمضان «إننا لا نراهن على تغيير جدي في الموقف الروسي في الوقت القريب، خصوصا أننا كنا قد عرضنا عليهم الدخول في حوار استراتيجي، لكنهم انحازوا للنظام ويعمدون بين الحين والآخر إلى استقبال بعض الشخصيات التي يقدمونها على أنها تمثل المعارضة السورية، وفي ذلك محاولة مذمومة من قبل الروس للإضرار بسمعة المعارضة والثورة الشعبية».
وشدد رمضان على وجوب أن «تتبنى جامعة الدول العربية مضمون قرار مجلس حقوق الإنسان وأن يحال ملف النظام السوري إلى محكمة الجنايات الدولية، خصوصا أنه لم يتم الالتفات إلى تقارير سابقة، صادرة عن لجنة التحقيق في فترات سابقة، قبل مجزرة الحولة»، موضحا أن هذه التقارير «أكدت ارتكاب النظام السوري عمليات قتل واغتصاب وتصفية وتعذيب»، موضحا أن «المجتمع الدولي مطالب بالتحرك سريعا لمحاسبة القتلى ومنعهم من ارتكاب المجازر حماية للمدنيين ومنع سقوط ضحايا مرتقبين».