بعد ساعات من إعلان حكومة الوفاق الوطني الجديدة بالسودان، تساءل متابعون سياسيون عما إذا كان بمقدور الحكومة الجديدة برئاسة الفريق أول بكري حسن صالح إحداث انتقال حقيقي
يقود البلاد نحو تطور إيجابي ملموس.
ولم يتفاجأ كثير من المتابعين للشأن السياسي السوداني بالتشكيلة الحكومية من وزراء ووزراء دولة وبرلمانيين ومساعدين لرئيس الجمهورية بعدما انتظر أكثر من 100 حزب سياسي وحركة مسلحة نصيبهم من المشاركة فيها.
ولئن استحسن المتابعون احتفاظ بعض الوزراء بحقائبهم الوزارية لما قدموه من جهود كوزير الخارجية على سبيل المثال، فإنهم رأوا أن ترهل الحكومة ما يزال قائما، الأمر الذي قد يؤثر على الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم وغيرها، مشيرين إلى أن ما ينفق على الأمن والدفاع ومخصصات الدستوريين (كبار المسؤولين في الدولة ومساعديهم) يفوق ما نسبته 70% من موازنة الدولة العامة.
معارضة
في الجانب الآخر من المعادلة تقف قوى سياسية كبرى بعيدة عن اقتسام السلطة، بل تدعو إلى إسقاطها عبر وسائل سلمية تبتكرها في حينها. وتعتقد أن الحكومة الجديدة ستكون إحدى مراحل حكم المؤتمر الوطني المرفوضة لديها.
ويستبق أحد تحالفات المعارضة إعلان الحكومة لينعت بالفشل الحوار الوطني الذي تمخضت مخرجاته بعد ثلاث سنوات عن الحكومة الجديدة “بعدما أفضى إلى مجرد محاصصة لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية للشعب في تحقيق السلام والتحول الديمقراطي والتقدم”.
وشهدت الساحة السياسية السودانية قبيل إعلان الحكومة الجديدة خلافات كبيرة بسبب تقاسم السلطة التي وصفها رئيس البلاد نفسه بأنها صغيرة في وجود أياد كثيرة.
وكان رئيس الوزراء السوداني بكري حسن صالح قال إن حكومته الجديدة جاءت معبرة عن مخرجات الحوار الوطني، وهي عمل غير مسبوق تمضي خطواته بكثير من الأمل والرجاء. وبرر تأخر الإعلان عنها بكثرة المشاورات لاستيعاب العدد الكبير من المشاركين، بعدما رشح نحو 1500 شخص للمشاركة في الحكومة.
وشدد بكري على أن حكومته تعبر عن حرص المؤتمر الوطني على تنفيذ البرنامج المقبل بروح من التوافق والمسؤولية، خاصة أنها تضم من الكفاءات ما يجعلها جديرة بثقة الشعب.
ترهل ومحاصصة
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين دعا لعدم الاستعجال في تقييم الحكومة قبل بداية عملها، لكنه يرى أن في جانب منها تعبيرا عن محاصصة طائفية. واستبعد الطيب في حديث صحفي وجود جديد في عملية صنع القرار أو سياسة الدولة، مشيرا لترهل الحكومة الجديدة على غرار سابقتها، فعدد الوزراء كبير جدا يفوق مقدرة الدولة.
وتساءل الطيب زين العابدين عن إمكانية دعم الإنتاج ومعاش الناس والخدمات العامة في ظل وزارة مترهلة، مستبعدا حدوث تغيير حقيقي في اتجاه الأحسن.
في السياق يرى أستاذ العلوم السياسية في كلية شرق النيل الجامعية عبد اللطيف محمد سعيد أنه لا جديد في حكومة بكري، بل هي شكل مكرر لوجه المؤتمر الوطني.
وتساءل في حديثه للجزيرة نت عن كيفية قبول سياسيين كانوا وزراء أن يكونوا أعضاء برلمانيين”، وقال أعتقد أنهم يريدون البقاء على كرسي السلطة حتى ولو عن طريق الهبوط إلى درجة أدنى”.
وبدورة سجل عبد اللطيف سعيد أن الحكومة الجديدة هي نتاج محاصصة من أحزاب ضعيفة “تريد أن تكون في السلطة، وهذا ما يسهل على المؤتمر الوطني توجيهها حيث يريد”.
الجزيرة