رغم هروبهم من الحرب المندلعة في بلادهم إلى ولاية غازي عنتاب التركية، إلا أن الكثير من الأطفال السوريين لا يزالون غير قادرين على التخلص من آثار تلك الحرب الطاحنة،
التي رسمت أبشع الصور السوداء على أجسادهم الصغيرة.
الثورة السورية التي اندلعت عام 2011، أعقبها حرب دفعت الملايين لترك ديارهم ومدنهم، وشردت آلاف العائلات، على مدى السنوات الستة الماضية.
وكغيرها من الحروب التي لا تميّز بين امرأة وطفل وشيخ، يسقط الجميع ضحايا صراعات دموية تترك آثاراها المدمرة على المجتمع بكل أطرافه.
كثير من الأطفال ذهبوا ضحية الحرب السورية المستعرة، منهم من أصبح تحت التراب ومنهم من تحتفظ أجسادهم بآثار وندوب سوداء وذكريات مؤلمة للقصف بالطائرات والمدافع والبراميل المتفجرة.
لكل من هؤلاء الأطفال حلم يختلف عن الآخر، ولكن الألم يجمعهم على نقطة واحدة، على أمل أن تتوقف الحرب ويعودوا من غازي عنتاب إلى بلادهم.
أطفال بولاية غازي عنتاب أصيبوا بجروح ولاتزال آثارها تأبى مغادرة أجسادهم، مصرّة على إبقائهم في حياة يسودها الألم تطغى عليها الذكريات الحزينة.
طفل احترق وجهه، وآخر فقد أطرافه العلوية، وثالث فقد أطرافه السفلية، ورابع وخامس، مأساة رسمتها القذائف الصاروخية التي دمرت منازلهم فوق رؤوسهم دون أن يرف لمطلقيها جفن أو يتحرك في قلوبهم شيء من الرحمة.
الطفلة ندى كردية، حلبية لم تتجاوز الـ 13 عاماً، واحدة من بين الكثيرين من أقرانها، أصيبت قبل 4 أعوام بغارة جوية في حلب، ومازالت حتى اليوم تتذكر لحظة القصف الوحشي كلما نظرت بالمرآة إلى وجهها البريء، كيف لا ووجهها تشوّه بفعل حريق تلك القذائف التي ألقتها الطائرة الحربية.
ولا تحلم “كردية” إلا بأن تستعيد نضارة وجهها من جديد، علّها تبدأ مع ذلك حياة ملؤها الأمل بعيداً عن الألم.
ولفتت كردية إلى أن أكثر ما تعاني منه اليوم هو “استهزاء أقرانها بها عندما تخرج للعب في الشارع، بسبب تشوهات وجهها”.
وقالت “عندما أخرج للشارع يسألونني عن حال وجهي، ويستهزؤون بي (..) أريد أن أجري عملية (تجميلية) على وجهي، أريد أن أصبح جميلة. ألقوا على منزلنا في حلب برميلاً متفجراً، أصبت أنا وأمي فيها”.
من جانبها، قالت أفادت عائشة محمد (13 عاماً)، إنها أصيبت في رأسها ووجهها، جراء غارة جوية في محافظة حلب أيضاً.
“محمد” التي فقدت كل أفراد عائلتها في تلك الغارة باستثناء والدتها، هربت إلى غازي عنتاب “لكي أجد حياة جملية هنا”، حسب ما قالت للأناضول.
كذلك هو حال الطفلة ندى عبيد (7 أعوام)، التي فقدت أحد أطرافها العلوية جراء سقوط برميل متفجر على منزلها في حلب.
نيران البرميل المتفجر لم تكتف بأخذ طرف من تلك الطفلة البريئة، بل أصرت على إتمام إجرامها، متسببة بحروق بليغة في جسد ووجه عبيد.
ولا تريد عبيد، التي لجأت إلى تركيا منذ 7 أشهر، سوى “العيش مثل الأطفال العاديين”.
ومطلع أبريل/نيسان الجاري، أعلن مراد أردوغان، مدير مركز البحوث المتعلقة بالهجرة والسياسة في جامعة “حجة تبة” (الحكومية في أنقرة)، أن العدد الإجمالي للاجئين في تركيا تجاوز 3.6 مليون.
وأضاف “تجاوز أعداد السوريين الفارين من بلادهم 6 ملايين، 80% منم يقيمون في دول مجاورة لسوريا”.
وأوضح أن تركيا تستضيف 3.2 مليون سوري، مشيراً إلى أن الرقم المذكور يشكل 52% من مجموع أعداد اللاجئين السوريين حول العالم.
وأشار إلى أن أعداد الأطفال السوريين، دون سن الرابعة في تركيا، أكثر من 400 ألف.
ولفت إلى ولادة 220 ألف طفل سوري في تركيا على الأقل.
وكالات