أثارت مؤخرا موجة من التسريبات الصوتية المنسوبة لبعض الشخصيات السياسية والإعلامية في تونس حالة من الصدمة والذهول داخل الأوساط السياسية والصحفية، وآخرها ما نسب إلى مالك
القناة التلفزيونية “نسمة” نبيل القروي الذي اتهم بشن حملة تشويه مفبركة ضد منظمة “أنا يقظ”.
وبُث الاثنين الماضي تسجيل مسرب نسب لصاحب قناة “نسمة” في اجتماع تحريري -على ما يبدو- يحرض فيه بعض الصحفيين العاملين لديه لرصد شهادات صحفيين موالين للقناة وشهادات مواطنين مقابل المال من أجل تشويه سمعة هذه المنظمة التي تنشط في مكافحة الفساد، واتهامها بالخيانة.
وما يزال الجدل بشأن هذا التسريب مستمرا، إذ يأتي في أعقاب تسريبين سياسيين أثارا ضجة ونسبا أيضا لمالك “نسمة”، حيث أثارا انتقادات بعض المنظمات التي اعتبرت أن هناك “صراعات مصالح وتصفية حسابات من خلال توظيف الإعلام من أصحاب المال والسلطة”.
دعاوى قضائية
وحول موقف منظمة “أنا يقظ” قال رئيسها أشرف العوادي إن المنظمة احتجت بقوة ضد التسريب الأخير بسبب ما تضمنه من “تحريض وثلب وهتك للأعراض ضد أعضاء المنظمة والتشكيك في وطنيتهم وشراء ذمم صحفيين ومواطنين والاستهتار بالقضاء”.
وبعدما كانت هذه المنظمة غير الحكومية رفعت عدة قضايا ضد قناة “نسمة” على أساس المرسومين 115 و116 اللذين ينظمان قطاع الإعلام، قال العوادي إن المنظمة “رفعت إثر هذا التسريب الخطير مجموعة من القضايا ضد القناة وفق المجلة الجزائية”.
وأضاف “سابقا كنا نتعامل معها كوسيلة إعلام، أما اليوم وبعد سماع هذا التسريب أصبح الأمر مختلفا، لأن هناك أساليب مافيوزية لتصفية الحسابات معنا”، واتهمت المنظمة في قضاياها المرفوعة قناة “نسمة” بتكوين عصابة للإضرار بالغير والثلب والادعاء بالباطل والاعتداء على الأخلاق الحميدة.
وكانت منظمة “أنا يقظ” -التي تنشر على موقعها تقارير تتحدث عن شبهات الفساد في مؤسسات حكومية وفي البرلمان وتجاوزات في الانتخابات الماضية لعام 2014- كشفت عن وجود شبهات فساد وتهرب ضريبي تتعلق بمالكي قناة “نسمة” الأخوين نبيل وغازي القروي، ورفعت ضدهما عدة قضايا.
استنكار واسع
وبشأن ردود الفعل إزاء التسريب الأخير، قال نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري إن النقابة عبرت عن إدانتها لمحتوى التسريب، لما ورد فيه من تشجيع على الفبركة والتضليل الإعلامي والحث على هتك الأعراض، مبينا أنه “فعل إجرامي له علاقة بتصفية الحسابات”.
بدورها، عبرت الهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري (الهايكا) عن استنكارها، وقال عضو الهيئة هشام السنوسي للجزيرة نت إن “نسمة” أصبحت “فوق القانون” لأنه لا يقع إنفاذ القوانين ضدها من السلطات، رغم صدور قرارات ضد القناة بسبب عملها بطريقة “غير قانونية”.
وتتهم الهيئة هذه القناة بمواصلة العمل بترخيص تحصلت عليه في زمن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وقال السنوسي إن مالك القناة تجاوز القانون بمزجه بين نشاطه السياسي كأحد مؤسسي حركة “نداء تونس” ونشاطه الإعلامي، واتهمه بالسعي للسطو على إذاعات جهوية، وفق تعبيره.
وأنكر نبيل القروي مالك “نسمة” ما نُسب إليه، وكشف عن أنه بصدد إعداد ملف للقضاء ضد التشويه الذي تتعرض إليه قناته، كما سبق أن اتهم مالك قناة “نسمة” منظمة “أنا يقظ” بتلقي تمويلات مشبوهة من الخارج والادعاء بالباطل والوشاية الكاذبة.
وتقر منظمة “أنا يقظ” بتلقي دعم من مانحين دوليين يساندون أنشطة منظمات تعمل في مكافحة الفساد، مؤكدة أنها تنشر على موقعها جميع تمويلاتها، ورأت أن اتهامها بالخيانة “تهمة كلاسيكية طالما واجهها المجتمع المدني في النظام السابق”.