لم يتمالك اللاجئ السوري صالح أبو بدر نفسه لدى سؤاله عن وجهته المقبلة بعد رحيله من المخيم الذي يقطنه مع عائلته في سهل البقاع اللبناني؛ فعلامات الحيرة بدت واضحة خلال
حديثه عن مجهول ينتظره في قادم الأيام.
ويسود القلق عددا كبيرا من مخيمات اللاجئين السوريين المنتشرة في بلدة الدلهمية ومحيطها (شرقي لبنان)، بعد تلقي القاطنين فيها إنذارات بضرورة إخلائها لأسباب أمنية.
وطلب الجيش اللبناني قبل أيام تفكيك نحو ثلاثين مخيما بسبب قربها من مطار “رياق” العسكري، وإمكانية تعريض سلامة الطيران للخطر.
ويقول أبو بدر -الذي يقطن في خيمة واحدة مع 14 من أفراد عائلته- إن عددا من اللاجئين بدأ إزالة الخيم والانتقال لمكان مؤقت لأيام، مشيرا إلى أن السلطات المحلية ترفض تقديم أي أرض لإقامة مخيمات جديدة عليها.
وأكد أبو بدر للجزيرة نت أن سكان المخيمات المعنية بقرار الإخلاء ملتزمون بأمن الدولة اللبنانية، ويرفضون أي مساس باستقرار المنطقة، متعهدا بإبلاغ السلطات عن أي حالة مريبة، كما قال. وتستمر الاتصالات والمشاورات مع الجهات المعنية بتنفيذ القرار، في محاولة للتوصل لحل يمنع تشريد هؤلاء اللاجئين.
عشرة آلاف
وقالت دانا سليمان المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن عدد اللاجئين المهددين بإخلاء مخيماتهم في محيط مطار رياق يقارب عشرة آلاف.
وأشارت دانا في حديث للجزيرة نت إلى أن القرار لم ينفذ حتى الساعة بسبب استمرار الاتصالات مع السلطات الأمنية والإدارية في المنطقة، وبانتظار التمكن من إيجاد بدائل ملائمة، خاصة أن الموسم الدراسي لم ينته.
ورأت أن التحدي الأكبر في ما يخص إخلاء المخيمات من محيط مطار رياق يكمن في عدم وجود قدرة استيعابية لدى القرى والبلدات البقاعية لإيواء هذا العدد من اللاجئين من جهة، والكلفة الباهظة للانتقال من جهة أخرى.
بدوره، دعا رئيس اتحاد العشائر العربية جاسم العسكر لإنشاء خلية أزمة لمعالجة وضع هؤلاء اللاجئين، محذرا من أن استمرار الضغط عليهم سيولد الانفجار، على حد تعبيره. وقال العسكر للجزيرة نت إن هؤلاء اللاجئين السوريين هُجّروا قسرا من بلادهم بمساهمة بعض اللبنانيين.
وأوضح أن المطلوب هو اتخاذ الحكومة اللبنانية قرارا شجاعا إما بإقامة اللاجئين بكرامة، أو بإخراج حزب الله من سوريا وإعادة اللاجئين لبلادهم.
مشروع متكامل
وتصاعدت مؤخرا الاحتجاجات في عدد من المناطق اللبنانية بسبب ما يعدّه المحتجون منافسة اللاجئين السوريين لهم في أعمالهم ومصالحهم الاقتصادية.
وحول رفض عدد من القرى والبلدات في سهل البقاع استقبالهم، قال الكاتب والصحفي أسامة القادري إن مساحات هذه القرى لم تعد قادرة على استيعاب المزيد، كما أن أوضاع أهالي المنطقة ومعاناتهم الاقتصادية والمعيشية لا تسمح بذلك.
وقال القادري للجزيرة نت إن الحل لمشكلة اللاجئين يكمن في مشروع متكامل يؤويهم بإشراف أمني وتنظيمي من الدولة اللبنانية، على أن تتكفل الأمم المتحدة من خلال مؤسساتها بتأمين الاحتياجات الإنسانية والمعيشية، لكنه استدرك بأن هذا الحل ليس واردا الآن على الأقل.