قضى الجفاف في منطقة ديماي من محافظة شبيلي السفلى جنوب الصومال على كل ما كانت تملك أسرة النازحة عدي سوهيو من أبقار. جفت الآبار ونضبت الأنهار وانحسرت التجمعات
المائية، وأصبح الحصول على الماء والطعام شبه مستحيل، بينما يهجم العطش والجوع على الصغار قبل الكبار، ولا من يمد ولو بقليل من ماء وطعام يسد الرمق.
وهكذا، قررت عائلة سوهيو الرحيل عن منطقتهم تاركين وراءهم معظم متاعهم، فرارا باتجاه العاصمة الصومالية مقديشو.
وبعد رحلة شاقة لأكثر من مئتي كيلومتر تقريبا، تارة مشيا على الأقدام وتارة بالسيارة، حطت رحال العائلة المكونة من سبعة أفراد في ضواحي مقديشو.
معاناة شديدة
أمّلت عائلة عدي سوهيو أن تنتهي معاناتها وتتبدل أحوالها مع وصولهم إلى مقديشو، لكن فصلا جديدا من المعاناة كان في انتظارهم.
واشتكت سوهيو في مخيم أنشئ على عجل بمنطقة جرسبالي بالضاحية الجنوبية لمقديشو وغطته بخرق بالية لا تقي حر الشمس والمطر من عدم حصولهم على أي مساعدات من المنظمات الإنسانية.
لا يغيث النازحين إلا هبّة بعض سكان مقديشو بجهود فردية لتوزيع مواد غذائية وطعام جاهز أحيانا وملابس مستعملة، وإن كانت هذه المساعدات غير كافية بالمرة، حسب سوهيو.
من جانبه، يشعر حسن كيرو من هذا المخيم بخيبة أمل كبيرة لعدم تعاطي هيئات الإغاثة مع معاناتهم، فلا طعام ولا ماء ولا أغطية لأكواخهم رغم مرور عشرة أيام من وصولهم إلى العاصمة.
كما يخشى النازحون من انتشار الأمراض المعدية في المخيم الذي تنعدم فيه النظافة ولا توجد به مراحيض، ما يجبرهم على التمرحض بجانب أكواخهم، إضافة إلى أنه لا مركز طبيا يقدم الدواء والعلاج وفق كيرو الذي وصف الحالة التي يعيشونها بالمزرية.
مخيمات كبيرة
ورغم هذه الأوضاع الصعبة، فإن عدد النازحين الواصلين إلى مقديشو في تصاعد، وقد بلغ نحو عشرين ألف عائلة حتى الآن ضواحي العاصمة، بمعدل 150 أو 200 عائلة يوميا وفق الناطق باسم إدارة العاصمة عبد الفتاح عمر حلني.
وأقر المتحدث بقسوة المعيشة التي يعانيها النازحون، خاصة أن ما قدم لهم من مساعدات لا يرتقي إلى حجم معاناتهم.
وقال حلني إن دور المنظمات الإنسانية في دعم النازحين لا يزال خافتا ودون المستوى، وأضاف أن إدارة العاصمة شرعت بحدود إمكانياتها في تشييد ثلاثة مخيمات كبيرة ستؤوي النازحين، مع توفير إمدادات المياه ومراحيض ومراكز صحية للحيلولة دون وقوعهم فريسة سهلة في أيدي “حراس الأبواب” (أصحاب المخيمات الصغيرة) الطامعين في جمع الأموال على حساب معاناة النازحين.
وحسب المصدر نفسه، فتح 13 مركز إطعام لتقديم الوجبات الثلاث الرئيسية في مناطق وجود النازحين، كما قدمت اللجنة الوطنية لمواجهة الجفاف 250 ألف دولار أميركي لإدارة مقديشو لتخفيف معاناة النازحين الذين تحتضنهم العاصمة من أصل مليوني دولار تبرع بها الصوماليون في الداخل والخارج، وفق ما ذكره أحد أعضائها عبدي أحمد بافو.
وحذر تقرير أممي من أن الصومال بات على حافة مجاعة، وأن نصف سكانه (حوالي 6,2 ملايين شخص) يواجهون انعدام الأمن الغذائي، وثلاثة ملايين منهم بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
كما يتوقع التقرير ارتفاع عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد من 185 ألف طفل إلى 270 ألف طفل في الأشهر الثلاثة المقبلة.
الجزيرة