منذ إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يوم الـ 17 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن انطلاق عملية عسكرية واسعة لاستعادة مدينة الموصل وأطرافها من سيطرة تنظيم
الدولة الإسلامية، توجهت أنظار الحشد الشعبي نحو مدينة تلعفرغربي الموصل فأطلق عملية عسكرية يوم الـ 24 من الشهر ذاته لاستعادتها.
ومع استمرار معركة الموصل منذ أشهر، أعلن العبادي في الرابع من الشهر الجاري إقصاء قوات الحشد من معركة تلعفر وإيكال المهمة لمقاتلين من أبناء المدينة مسنودين بقوات من الجيش.
واعتبر مراقبون القرار نتيجة لضغوط دولية ومحلية مورست على العبادي تفاديا لتكرار انتهاكات حصلت في مناطق شاركت مليشيا الحشد باستعادتها من قبضة تنظيم الدولة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النهرين في بغداد قحطان الخفاجي (مستقل) أن الضغوط الدولية التي تعرض لها العبادي كانت أكثر تأثيرا من تلك المحلية، وأن للضغط الأميركي والتركي الأثر الكبير بإصدار هذا القرار “الصائب” الذي من شأنه تقليل الاحتقان بين مكونات المدينة التي تتمتع بتنوع نسيجها المجتمعي المتشكل من قوميات مختلفة.
واعتبر الخفاجي في حديثه إلى الجزيرة نت أن مشاركة الحشد في معارك سابقة بمحافظتي الأنبار وصلاح الدين -وما رافقها من انتهاكات وحالات انتقام جماعية، وجرائم قتل واختطاف اتهم الحشد بتنفيذها- تختلف اختلافا جذريا عن معركة تلعفر.
وأضاف أن تلعفر ليست الفلوجة، حيث إن الطموح الإيراني أوسع وأكبر من مناطق أخرى، فتنوع القوميات فيها ووقوعها على الطريق المؤدي إلى سوريا غربي العراق يشجع إيران على التوسع والسيطرة عليها من خلال مليشيات تابعة لها.
ضغوطات
في المقابل، نفى عضو ائتلاف دولة القانون عدنان السراج (مقرب من الحكومة) أن تكون هناك ضغوطات فعلية على العبادي لإدارة المعركة، ولكن هناك آراء مختلفة إقليمية ودولية تؤيد الحشد أو ترفضه، وتأخذ هذه الاحتجاجات أشكالا مختلفة سياسية تارة وإعلامية تارة أخرى بمنحى تحريضي.
وأضاف السراج بحديثه للجزيرة نت أن العبادي ينسق مع التحالف الدولي في حربه ضد “الاٍرهاب” وخصوصا في معركة الموصل، لكن مع وقوع أي اختلاف بين الأميركان والحشد يتدخل العبادي لتلطيف الأجواء.
واعتبر أن تقسيم الأدوار ونجاح خطة المعركة أسهما في خلق جو من الارتياح بين الحشد والجيش والشرطة والبشمركة الكردية وسط ترحيب أميركي بالأدوار المرسومة عموما، مؤكدا أن العبادي لا يسمح لأي جهة أن تشوش على أداء الحشد ولا يريد أن تتغير المعادلة القائمة الآن لطرد تنظيم الدولة.
في السياق ذاته، نفى المتحدث باسم مليشيا عصائب أهل الحق التابعة للحشد الشعبي نعيم العبودي أن يكون هناك قرار بعدم مشاركة الحشد في معركة تلعفر، مبينا أنهم مشاركون “فعليا ومنطقيا” وذلك من خلال تطويقهم للمدينة واستعادة مناطق شاسعة من محيطها إضافة لقطع إمدادات تنظيم الدولة.
وأضاف العبودي في تصريح للجزيرة نت أن معركة تلعفر ستكون جزءا أساسيا من معركة الحشد الشعبي، مبينا أن هناك نحو 11 ألف مسلح من أبناء تلعفر يمثلون كافة الطوائف والقوميات ينتمون للحشد وهم جزء أساسي منه، وستكون مشاركتهم باستعادة مناطقهم من قبضة التنظيم أمرا طبيعيا.
وأضاف أن الأمر “أولا واخيرا” بيد القائد العام للقوات المسلحة (العبادي) وأن هناك تشاورا وتنسيقا في حركة القطاعات العسكرية بما فيها قطاعات مليشيا الحشد الشعبي.
إصرار وتأكيد
وتتحدث تصريحات وبيانات متكررة لقادة بالحشد عن عزمهم المشاركة بالمعارك في تلعفر، إذ كشف القيادي ناظم الأسدي عن ضغوط تمارسها أميركا وتركيا على الحكومة العراقية لعرقلة استعادة تلعفر.
وأشار إلى إتمام قطاعات الحشد كافة الاستعدادات لبدء المعركة، مبينا أن “تلعفر تتمتع بخصوصية عن بقية المعارك السابقة”. ورغم هذه الضغوطات فإن المعركة ستنطلق في القريب العاجل، وفق تأكيدات القيادات العسكرية.
من جانيه، أكد مسؤول لواء مليشيا الشبك في قوات سهل نينوى التابع للحشد أبو جعفر الشبكي أن “قوات الحشد مستمرة في تحقيق أهدافها وماضية في عملياتها العسكرية” مضيفا أنها بانتظار الأوامر العسكرية للقيادة العامة للقوات المسلحة وساعة الصفر لاقتحام قضاء تلعفر واستعادته بالكامل.
يُذكر أن قطاعات من الحشد تفرض حصارا منذ أشهر على تلعفر، قاطعة خطوط الإمداد من وإلى البلدة، في وقت تخوض فيه القوات العراقية -مسنودة بمليشيا الحشديْن الشعبي والعشائري وغطاء جوي من طيران التحالف الدولي- معارك في الجانب الغربي من الموصل بهدف استعادته من قبضة تنظيم الدولة.
الجزيرة