رغم استعادة قوات النظام السوري معظم المواقع التي سيطرت عليها المعارضة الأحد في ضواحي دمشق عقب هجوم مضاد، فإن الهجوم النوعي الذي نفذه مقاتلو المعارضة خلط أوراق
النظام وكشف نقاط ضعفه.
وتشير تفاصيل الهجوم إلى أنه عند الساعة الخامسة فجرا من أمس الأحد، انفجرت عربتان مفخختان في تجمعين لقوات النظام في حي جوبر شرقي العاصمة دمشق، إحداهما استهدفت معمل كراش والأخرى معمل سيرونكس اللذين حولهما النظام إلى ثكنتين عسكريتين، مما أسفر عن انهيارهما بالكامل وفقدان النظام عناصره ما بين قتيل وجريح وأسير، وتدمير عدد من الآليات التابعة له.
ولم يكن النظام يعرف ما حصل، وبالكاد استوعب الصدمة، حتى باغته تسلل للعشرات من مقاتلي المعارضة الذين توغلوا بسرعة على وقع انهيارات متعاقبة لنقاط النظام التي شكلت حاجز الدفاع الأول له عن العاصمة دمشق.
وتكتمت قوات المعارضة المسلحة على الهجوم ومنعت التغطية الإعلامية، ولم تكشف عن الهدف النهائي له إلا عند حلول ساعات المساء، حيث انتهى بوصل حي جوبر في العاصمة دمشق بحي القابون المحاصر والقريب منه، وإنجاز المهمة تلك -بحسب بيانات المعارضة- تكبّد النظام خسائر فادحة.
وقالت قوات المعارضة إنها دمرت غرفة عمليات النظام شرقي العاصمة بشكل كامل، وقتلت أكثر من 75 عنصرا -بينهم ثلاثة ضباط- وأصابت الكثيرين بجراح.
كما وصفت المعارضة الهجوم بأنه نشر الذعر والفوضى في صفوف النظام لدرجة أنه استعان بالإعلام أثناء بث مباشر لتهدئة صفوف مؤيديه في العاصمة، حيث تقدمت المعارضة إلى كتل وأبنية مطلة على عقدة البانوراما، وقطعت الطريق الوطني المؤدي إلى دمشق، وعطلت كراج العباسيين.
وخلال ساعات الليل استطاعت قوات النظام استعادة السيطرة على أغلب النقاط التي تقدمت إليها المعارضة، لكن سرعان ما ردت المعارضة بإعلان هجوم آخر على قوات النظام في المنطقة، إذ لم تتكشف نتائجه حتى اللحظة.
يقول الخبير العسكري العقيد أحمد الحمادة في حديثه للجزيرة نت إن المعارضة المسلحة حققت الهدف من هذا المعركة، حيث تسمى هذه النوعية من المعارك في العلم العسكري “بالإغارة”، وهي تكون بغية استكشاف نقاط ضعف وقوة العدو، ومن أجل إضعافه، وهذا ما حصل من خلال إعلان المعارضة المسلحة للخسائر التي ألحقتها بالنظام.
ويضيف العقيد الحمادة أن المعارضة أعادت أيضا خلط جميع أوراق النظام العسكرية من خلال تدمير غرفة عملياته شرقي العاصمة، كما أحبطت مخططه بمهاجمة حي جوبر بهجوم مضاد معاكس ومفاجئ، وتمكنت من منع النظام من محاصرة حي القابون عبر وصله بحي جوبر، ومن فصل حي القابون عن تشرين وبرزة.
ويرى أن هذه المعركة مرتبطة بشكل مباشر بمعركة النظام وعملياته العسكرية في الغوطة الشرقية، حيث كان يخطط لحرمان الغوطة من شريان حيوي هام قادم من برزة عبر أنفاق للمدنيين المحاصرين هناك، بعد أن حرم الغوطة وأهاليها من سلتهم الغذائية بسيطرته على منطقة المرج العام الماضي، مشيرا إلى أن هجوم المعارضة الأخير في حي جوبر أبقى على الشريان القادم للغوطة من حي برزة.
وبشأن مستقبل هذه المعركة يقول العقيد الحمادة إنها خيار مستمر للمعارضة المسلحة إذا ما أرادت أن تحافظ على وجودها في محيط العاصمة دمشق، ولكي تخفف الضغط عن الغوطة الشرقية فلا خيار لها إلا الهجوم من أجل الدفاع.
الجزيرة