مثلما فعلت آلاف الأسر التي تعاني المجاعة في جنوب السودان، تختبئ سارة ديت وأطفالها العشرة من مسلحين في مستنقعات وجزر نهر النيل. وللهروب ثمن باهظ، فالأسر لا يمكنها
زراعة المحاصيل أو كسب المال لشراء الطعام، فيأكل أفرادها جذور نباتات زنابق الماء والسمك من حين لآخر. ولم تأكل أسرة ديت منذ أيام.
وأعلنت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن مناطق بجنوب السودان تعاني المجاعة، وهي أول مرة يواجه فيها العالم مثل هذه الكارثة منذ ست سنوات.
ولن يتوفر لنحو 5.5 ملايين شخص، أي قرابة نصف عدد سكان جنوب السودان، مصدر غذاء يعتمد عليه بحلول يوليو/تموز المقبل.
وهذه الكارثة هي بفعل الإنسان إلى حد بعيد. وقد سقط جنوب السودان الغني بالنفط في براثن الحرب الأهلية عام 2013 بعدما أقال الرئيس سلفا كير نائبه رياك مشار. ومنذ ذلك الحين يمزق الصراع البلد الأفريقي الناشئ على أسس قبلية، فتجاوز معدل التضخم 800% العام الماضي، وأصيبت الزراعة بالشلل بسبب الجفاف والحرب.
وديت وأطفالها من بين أكثر من 100 ألف شخص تقول الأمم المتحدة إنهم عرضة لمجاعة وشيكة في مقاطعتي لير وماينديت بولاية الوحدة التي تقع على الحدود مع السودان.
وقالت ديت لرويترز أمس السبت وهي تهدهد ابنها البالغ من العمر أربع سنوات في مركز مؤقت للتغذية تابع لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) “الأطفال مرضى، ولكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ لا توجد مستشفيات قريبة منا ولا يمكننا الابتعاد عن المكان الذي نختبئ فيه. يذهب أطفالي الأكبر سنا للصيد، ولكن لا يمكننا الحصول على ما يكفي لأننا لا نملك الأدوات”.
وقال عاملون بالمركز إن ابنها سيموت إذا لم يحصل على مساعدة فورية.
وقالت نيالوات تشول، وهي أم لستة أطفال، إن أسرتها كانت تأكل نباتات زنابق الماء للبقاء على قيد الحياة خلال العام الماضي.
وأضافت تشول البالغة من العمر 31 عاما “نهرب من القتال منذ وقت طويل. استقررنا في الجزيرة لأن الوضع أفضل كثيرا هناك. لكن لا يمكننا الذهاب لشراء طعام. نأكل الأعشاب التي تطفو على مياه النهر ونحصل أحيانا على سمك”.
وكانت ديت وتشول من بين 20 ألف شخص خرجوا من المستنقعات وتجمعوا في قرية ثونيور التي يسيطر عليها المتمردون وتقع في مقاطعة لير عندما سمعوا أن الأمم المتحدة تسجل الناس لتعطيهم حصص غذاء طارئة.
وحصلت بعض الأسر على شباك وصنارات للصيد من عاملي إغاثة لإعانتها على العيش إلى أن يصل الغذاء.
وهذه أول زيارة تقوم بها الأمم المتحدة لقرية ثونيور منذ عام. ويتعذر دخول أجزاء كثيرة من جنوب السودان بسبب القتال.. وتصل مساحة الطرق الممهدة في جنوب السودان إلى 200 كيلومتر فقط، وذلك بعد نحو ست سنوات من انفصاله عن السودان.
وقال جورج فومينين، وهو متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، “ما رأيناه هو أناس كثر جاؤوا من الجزر. كانوا يعيشون على زنابق الماء وعلى الجذور والأعشاب في النيل ويأكلون مرة واحدة في اليوم على الأكثر”.
وقال مفوض المقاطعة ماجيل نيال إن القرويين تعرضوا للهجوم عندما حصلوا على مساعدات غذائية العام الماضي. وأضاف أن رجالا يرتدون الزي العسكري نهبوا منازلهم وأحرقوها.
وتابع “فقدنا كل ممتلكاتنا وأبقارنا وسرقت منازلنا. تعرضنا للهجوم واغتُصبت النساء وخُطفت الفتيات”.
الجزيرة