بقلم: عبدالله الملحم
هل من المصادفة البريئة أن تكتشف الإدارة الأمريكية أن بشار الأسد استخدم السلاح الكيميائي ضدّ شعبه، لتُعلن في الوقت ذاته عن تسليحها للجيش الحر – وتحديدًا – بُعيْد مؤتمر علماء المسلمين وبيانهم
المزلزل غداة الخميس الماضي في القاهرة، وهل الخطوط الحمراء التي كانت تُهدّد بشار بعدم تجاوزها تعني أن مجازره السابقة – وآخرها القصير – كانت خطوطاً خضراء معشبة ؟!
مؤتمر العلماء لم يكن ليُخيف الأمريكان؛ لاعتقادهم أنه سيكون محض استهلاك حماسي، لن يعدو الشجب والاستنكار، عبر تنفيس خطابي يشتم حسن نصرالله تارة؛ وبشار وإيران تارة أخرى، إضافة إلى توزيع بعض الشتائم على روسيا والصين، ومن خذل الشعب السوري كأمريكا، ودول الاتحاد الأوربي، ودول المنطقة باستثناء قطر وتركيا؛ اللتين نصّ البيان على استثنائهما!
الجديد والأهمّ أن بيان العلماء جاء بخلاف كل التوقعات، حين استصرخ الأمة للنفير بالنفس والمال والسلاح نصرة للشعب السوري الجريح، وفي هذا تدويل إسلامي للقضية السورية، جعلها أوسع مدى من ثورات الربيع المنسوبة للعرب كشأن عربي صرف، إلى جانب القنبلة ذات العيار الثقيل التي فجّرها البيان حين جعل الحرب الطائفية التي تشنها إيران وحزب الله على الشعب السوري حربًا على الإسلام والمسلمين، وكأنه يُقرّر ويفتي كل متردّد ومستريب أن قتاله في سوريا – إذا ما قرّر الالتحاق بالثورة السورية – لن يكون قتال مسلم لمسلم وإنما دفاع عن الإسلام ضدّ أعدائه، وإن تسمّوا زورًا ومخاتلة بأسماء: حزب الله، والجمهورية الإسلامية الإيرانية !
والأخطر من هذا في نظر الأمريكان أن البيان لم يُجرِّم جبهة النصرة ويصفها بالإرهاب كما طفقت هي تحذر وتخيف دول المنطقة منها، وإنما دافع عنها وإن لم يذكرها بالاسم، حين دعا إلى: استنكار اتهام بعض فصائل الثورة السورية بالإرهاب وغضّ الطرف عن جرائم النظام السوري وحلفائه، وهو ما يعني أن الأمة في نفيرها قد تكون كلها جبهة نصرة لاستنقاذ سوريا من براثن المتألبين عليها وإن غلا الثمن !
مؤشرات الأحداث في الأيام الماضية، كانت تشي بأن أمريكا تغاضت عن عمليات حزب الله وإيران رغم دمويتها، ليُثخنوا في سوريا على أمل القضاء على جبهة النصرة، التي يرونها أكبر مهدّد لأمن إسرائيل، لو رجّحت موازين القوى لصالحها، أما وقد بات ذلك هدفًا بعيدًا وسيغدو مستحيلاً إذا ما استجابت الأمة للنفير – وهو المتوقع – فالمترجّح أن الأمريكان لن ينتظروا تعاظم نفوذ الجبهة بمن سينضمّ إليها حتى تغدو طالبان جديدة في المنطقة، وحينئذ فالمتعين بحسبهم أن يُمدّوا الجيش الحر بالأسلحة ليجعلوا مفاتيح الحسم بيده، قبل أن تكون بيد غيره ممن تخافهم، لأنها تعرف جيدًا أن أجندة أولئك لن تقف عند إسقاط بشار، وقد باتوا قاب قوسين أو أدنى من القدس، وهذا ما يُؤرّقهم ويقلقهم بحق !