بقلم: فاطمة حوحو
لم تعد طائرات النظام السوري تحتاج الى حجج وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن الواهية حول وجود “القاعدة” لكي تقصف من دون حسيب أو رقيب قلب البلدة وتسقط براميلها المفخخة على أمتار
قليلة من مبنى البلدية، ولم تعد صواريخ الأسد تطلب إذناً لخرق الحدود عبر الترويج لانتشار عناصر من الجيش السوري الحر أو عناصر “جبهة النصرة” لاستهداف الآمنين في منازلهم، ولم تطلب إذناً إعلامياً من وسائل إعلام الثامن من آذار لتمهّد لاعتداءاتها من نوع القدوم لمحاربة التكفيريين في صفوف أهالي البلدة، والتي قد تعتبر علي الحجيري المواطن المسالم الذي يسعى وراء لقمة أطفاله وعيش عائلته وكرامته الشخصية واحداً منهم مع أنه بالأمس القريب كان مقاوماً ضد العدو الإسرائيلي وأخ شهيد في “جبهة المقاومة” قبل أن يبيع الأسد الأب “المقاومة” وأحزابها للنظام الفارسي.
لم يعد النظام المنتصر بقوة “حزب الله” و”الحرس الثوري الإيراني” و”فيلق القدس” في القصير يحتاج الى أي مقدمات مخابراتية يرسم خططها الموالون للحزب الإلهي بمساعدة الحليف العوني المساهم في تشديد الحصار “الرسمي” على أهالي عرسال وإقفال دروب حياتهم علّهم يركعون لإرهاب “حزب السلاح”، من أجل تنفيذ خططه التوسعية في لبنان إنفاذاً لمشروع الدولة العلوية التي يبنيها له “حزب الله” عبر خوضه حروب الشوارع في زواريب حمص وحلب ودمشق بدماء الشباب اللبناني وحماية لظهر هذه الدولة لا لظهر “المقاومة”، فيبتدع مسؤولو “حزب الله” تعابيرهم عن المؤامرات والخطط التكفيرية ليبرروا إجرامهم في حق الشعب السوري تحت عنوان حماية ظهر المقاومة، ممن؟ من اللبنانيين في عرسال مثلاً أو اللبنانيين في طرابلس أو في صيدا أو في بيروت أو المتن أيضاً.
الحكاية واضحة لا تحتاج الى كثير من الخيالات حتى تكتمل تفاصيلها. وقصف عرسال بالأمس رسالة واضحة، رسالة تحذير من أن أي مطالبة بإحقاق الحق وتسليم المجرمين الذين قتلوا علي الحجيري أو غيره من أهالي البلدة، وقيام العناصر المخابراتية للحزب التي تردد أنها ترتدي ملابس الجيش اللبناني وتدور في القرى البقاعية بصحبة مخابرات سورية، من أجل التضييق على اللاجئين واعتقال عناصر سورية مشتبه بانتمائها للجيش الحر أو عناصر لبنانية تدعم النازحين وتساعد في نقل الجرحى.
أما رسالة أهل عرسال الذين حاولوا تلافي الفتن مرات ومرات وآخرها ما كان يخطط على يد بعض العناصر من العشائر المدعومين من “حزب الله”، إلا أن وعي أهل عرسال كان يفوّت عليهم الفرصة في كل مرة، لكن اليوم وصلت الأمور الى منحى جديد مع قصف طيران الجزار البلدة ببراميل متفجرة ولم تعد كلمات الاستنكار تكفي، وإلا فإن السؤال حول شرعية الدولة ودور الجيش والأجهزة الأمنية يصبح مطروحاً للبحث إذا لم تتخذ إجراءات تؤكد أن الجيش هو حامي الأراضي اللبنانية وأن الدولة مسؤولة عن الحفاظ على حدودها، وهذا ما يجب أن يدعم بإجراءات عملية وبـ”رفع الصوت” في الأروقة الدولية من أجل نشر قوات للأمم المتحدة تحمي الحدود وتراقب ما يحصل، فعرسال ليست “لقيطة” وشرعيتها في شرعية انتماء أبنائها لهذا الوطن، والذين سالت دماؤهم للدفاع عنه في الجنوب والبقاع سواء في صفوف الجيش اللبناني أو صفوف مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
بالأمس، تضامن آلاف اللبنانيين مع عرسال عبر مواقع “التواصل الاجتماعي”، وصدرت دعوات من أجل الدفاع عن عرسال في حال لم يردّ الجيش اللبناني على هذه الاعتداءات السافرة والخطيرة، يقول أحدهم إن “تشكيل منظمة تحرير وطنية لبنانية بات أمراً ضرورياً لتحرير الوطن والدفاع عن أهله من رجس العدو الايراني و”عملائه”.
ويطالب آخر بحق الرد على العدوان من قبل الأهالي اذا لم يقم الجيش بالدفاع ويسأل مدون على “الفايسبوك” “ما هو دور الجيش اللبناني وما هي عقيدته القتالية، تأمين خطوط مواصلات حزب ولاية الفقيه مثلاً؟”.
يسجل شاب العبارة التالية من وحي المناسبة: “هلي عالريح يا رايتنا العالية، قصف وتشبيح دولتنا اللبنانية”، ويقول آخر: “أحد مسؤولي “حزب الله” يعتبر أن من حق النظام السوري قصف عرسال لأنها تشكل خطراً على النظام السوري وتؤوي مسلحين سوريين، طيب ماذا عن اسرائيل التي قصفت الأراضي السورية قبل شهر علناً، هل تشكل خطراً على النظام السوري ولماذا لم يقصفها؟”.
ويذكر عدد من الأشخاص الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش والقيادات الأمنية بأن “عرسال منطقة بلبنان وأهلها يدفعون الضرائب وفواتير المياه ويشترون البنزين وأنتم تقبضون معاشاتكم لأنهم يدفعون، فيجب أن تقوموا بعملكم وتحموا البلدة من الاعتداءات السورية – الإيرانية ومن حزب الله وحلفاء اسرائيل”.
يضع أحدهم صوراً عن القصف، والتي ترسم وجوه الناس المصفرة وعلامات الدهشة مرسومة في عيونهم والاستغراب ظاهر من حركات أيديهم ويكتب أخبرتني وجوه الناس في دروب عرسال قبل قليل، أنها لن تركع لطغاة العصر”.
يطلق أحدهم صرخة: “لما مروحية سورية بتقصف ساحة عرسال وبتقتل الناس” ما بتحتاج صواريخ المقاومة تدافع عنها وبتحتاج جماعات حقوق الإنسان و”ترو ستوري” يهزوا حالهم ويحكوا أو أن شهداء عرسال مع المقاومة الوطنية ما حدا بيعرفهم وما حدا شايفهم”.
يجد البعض فرصة لضحكة مريرة عن واقع الحال يكتب: “الطقس مشمس فوق بعبدا واليرزة وممطر بغزارة فوق عرسال والمناطق المحيطة مع عواصف رعدية شمالاً”.
يرى أحدهم أن “الوضع خطير جداً، في السياسة، كما في الأمن وسينعكس اقتصادياً مهما حاولنا تخفيف الحمل، لذلك من الضرورة أن تتحمل 14 آذار مسؤولية رفع الوتيرة سياسياً، ويوقع نوابها مع كتلة “جبهة النضال” إذا أمكن وثيقة موجهة الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن يطالبون فيها بتوسيع مهمة القوات الدولية لتطال كل الحدود اللبنانية البرية والبحرية وإذا أمكن تحت البند السابع”.
الغضب يتصاعد شيئاً فشيئاً… تصدر مواقف رسمية، تستنكر. إلا أن النفوس لا تهدأ والكل يسأل كيف نرد الاعتداءات السورية – الفارسية – الحزب اللهية؟”.