أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم مشروع قرار أممي يدين تصاعد أعمال العنف والقتل في سوريا، ويستنكر استمرار السلطات السورية في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وصوّت لصالح مشروع القرار الذي قدمته قطر باسم مجموعة من الدول، 107 دول في حين عارضته 12 دولة وامتنعت 59 أخرى عن التصويت.
وقد بدأت جلسة المناقشة في وقت سابق اليوم بنيويورك، واستهلها رئيس الجمعية فوك جيرميك الذي قال إن الشعب السوري “وقع في براثن عنف دام ومتصاعد”، مضيفا أن نحو ثمانين ألف شخص قتلوا في سوريا منذ بدء أعمال العنف قبل أكثر من عامين، معظمهم من المدنيين.
وقال جيرميك إن بعض التقديرات تشير إلى وجود نحو أربعة ملايين نازح داخل سوريا، وإن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سجلت نحو 1.5 مليون لاجئ سوري في دول الجوار.
وأكد أن بعض الأدلة بدأت تظهر للعيان على استخدام أسلحة كيمياوية في الصراع الدائر بسوريا، معتبرا استمرار العنف في هذا البلد تهديدا لوحدته وسيادته، وإنذارا بفوضى قد تؤدي إلى تدمير المنطقة.
قرار متزن:
أما مندوب قطر في الأمم المتحدة الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني فقد حذر من تفاقم الأزمة وخطورتها على استقرار سوريا والمنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين، متسائلا “ألا يتوجب على الأمم المتحدة أن تدين أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان واستعمال الأسلحة الثقيلة” في سوريا.
وتحدث المندوب القطري باسم الدول التي تقدمت بمشروع القرار الأممي والتي قال إنها ثلث الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، مشيرا إلى أن مشروع القرار “مبني على ما تم تبنيه في الأمم المتحدة من قبل” في الشأن السوري.
ووصف القرار بأنه “يتحلى بالموضوعية والاتزان رغم أنه لا مجال للمساواة بين الضحية والجلاد”، ويدعو إلى “إدانة العنف والانتهاكات أيا كان مرتكبها”.
ودعا المندوب القطري الأمم المتحدة إلى الترحيب بالائتلاف الوطني للثورة والمعارضة السورية ممثلا للشعب السوري، ومحاورا أساسيا من أجل الانتقال السياسي في سوريا.
وأكد أن مشروع القرار “ليس دعوة أو ذريعة للتدخل العسكري في سوريا”، وأنه “يلتزم تماما بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، و”يدعم جهود الأمين العام للتحقيق في مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في سوريا”.
تصعيد الأزمة:
من جهته استنكر المندوب السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري إدراج مشروع القرار المذكور تحت بند منع نشوب النزاعات المسلحة، واتهم واضعيه بالسعي “لتصعيد الأزمة وتأجيج العنف في سوريا”.
وأضاف أن المشروع يريد أن “يخلق سابقة دولية تروم إضفاء الشرعية على تقديم السلاح لمنظمات إرهابية، وإضفاء الشرعية على فصيل معارضة في الخارج منقسم على نفسه ولا رئيس له ولا يمثل حتى أطياف المعارضة في الخارج”، في إشارة إلى الائتلاف السوري الذي قال إنه “تسيطر عليه أجنحة متطرفة دينيا”.
واتهم الجعفري بعض الدول بأنها “تتسارع خطواتها لإجهاض الحل السياسي السلمي التحاوري”، معتبرا مشروع القرار الذي يناقش في الجمعية العامة “سباحة عكس التيار في ضوء التقارب الروسي الأميركي الأخير”.
وقال إن الحكومة السورية “جادة وصادقة في الحوار الوطني الشامل بقيادة سورية ومع جميع قوى المعارضة الداخلية والخارجية”، داعيا الدول الأعضاء في الجمعية العامة إلى التصويت ضد مشروع القرار.
رفض روسي:
وقد رفضت روسيا في وقت سابق اليوم مشروع القرار بشأن سوريا ووصفته بأنه “أحادي الجانب وغير موضوعي”، كما دعا وزير خارجيتها سيرغي لافروف المعارضة السورية إلى دعم مساعي موسكو وواشنطن لعقد مؤتمر دولي لإيجاد حل سياسي للنزاع.
ودعت الخارجية الروسية في بيان أصدرته اليوم الأربعاء “الدول القادرة على التأثير في معدي مشروع القرار” الأممي حول سوريا، إلى الضغط على مؤيديه للتراجع عنه.
وذكر البيان أن المشروع احتفظ بطابعه “الأحادي الجانب وغير الموضوعي” و”تجاهل الوقائع في سوريا”، معتبرا أنه “يحمّل الحكومة السورية فقط كامل المسؤولية عن زعزعة الوضع في البلاد، بينما لم يذكر شيئا عن أعمال العنف من جانب الجماعات المعارضة التي تستخدم وسائل الإرهاب”.
وأكد أن “الجهات التي صاغت هذا المشروع لا تلاحظ العمل الدبلوماسي المكثف حول سوريا، أو تتجاهل هذا العمل عن عمد”، وأن “الإصرار على إقرار هذا المشروع يدل على عدم الرغبة في المضي نحو حل سياسي للأزمة السورية”.