أكثر من 650 طالباً سورياً في بريطانيا معرضون للطرد، لأن المال انقطع عنهم منذ أشهر، والجامعات والمعاهد الخاصة والمدارس التي يتلقون فيها علومهم تغرقهم برسائل المطالبة بدفع الرسوم، ومن لا يدفع يطردونه، ويخسر إقامته كطالب ويضمونه إلى لائحة المبشرين برسم الطرد من المملكة المتحدة، ومن يعود منهم إلى سوريا ستستقبله المخابرات على المطار، فمعظمهم معارض للنظام.
الوحيد الذي تحرك من أجلهم حتى الآن تقريبا هو مركز “آفاز” المعروف دولياً منذ تأسيسه في 2007 بنشاطه الحقوقي، وهو مركز يزيد أعضاؤه على أكثر من 17 مليوناً بالعالم، وله موقع على الإنترنت بلغات عدة، منها العربية، وفيه وجه نداء أمس الاثنين بعنوان Stop UK universities from expelling Syrian students تدعو ترجمته إلى منع الجامعات البريطانية من طرد طلابها السوريين.
وشرح “آفاز” في ندائه الذي جمع 1612 توقيعاً حتى صباح الثلاثاء، علماً أنه يرغب بالحصول على 10 آلاف ليوجهه بعدها إلى الجامعات والحكومة البريطانية، أن السبب الرئيسي في الحالة التي وصل إليها الطلاب السوريين هو أن الأحداث في سوريا جعلت الوضع المالي للعائلات سيئاً ويصعب معه استمرارها بدفع رسوم تعليم أبنائها.
وبين من انقطعت بهم السبل المالية 100 طالب يدرسون الدكتوراه على نفقة الحكومة السورية بالتعاون مع “المجلس البريطاني لبناء القدرات”، إلا أن الحكومة السورية توقفت عن دفع حصتها من رسوم تعاليمهم وتركتهم بلا معين، ومنهم طالب الذي تحدث إليه موقع “العربية.نت”، وطلب عدم ذكر اسمه “كي لا نكون بمشكلة ونصبح باثنتين”، شارحاً العبارة بأنه لو عاد إلى سوريا فسيعتقلونه “فقط لمجرد أني تحدثت عنها إلى موقعكم بالذات” كما قال.
وذكر الطالب أنه علم من زملاء آخرين بأن مصير أي أجنبي لا يتمكن من دفع الرسوم “تقرره الجامعة التي يتلقى فيها علومه أولاً، وليس الحكومة البريطانية، فإن طردته بسبب عدم الدفع عندها تتولى أمره وزارة الداخلية البريطانية التي لا ترى أمامها إلا طرده”، وفق تعبيره.
بعثونا سفراء وأصبحنا فقراء مهددين بالطرد:
ودفعت الأزمة التي تحتدم وزير الدولة البريطاني، ألستر بيرت، لأن يكتب 3 تغريدات أمس الاثنين في حسابه على “تويتر” بشأنها، ذاكراً في إحداها أنه لا سفارة لسوريا الآن في لندن، وعلى الطلاب التوجه إلى وزارة الاقتصاد والمالية لبحث مشكلتهم، وهذه عملية تطول في بريطانيا.
وتزعم الحكومة السورية أن سبب عدم إيفائها بتعهداتها المالية نحو الطلاب الذين تكفلت بهم هو العقوبات الاقتصادية، وذكر ذلك جورج المجادي، رئيس قسم محاسبة الموفدين في جامعة دمشق لصحيفة “الثورة” السورية، في يوليو/تموز الماضي، وقال: “لم نستطع تحويل رواتب الموفدين بشكل مباشر عن طريق البنك المركزي”.
وشرح المجادي: “قمنا بالتحويل عن طريق مصرف خاص في سوريا، وهذا المصرف بدوره حول كتلة الرواتب إلى بنك HSBC في بريطانيا. وهذا الأخير يتعامل مع الجهات المختصة في سوريا بصعوبة بالغة جداً للإفراج عن الحوالات، ويطالب باستفسارات وتساؤلات ليست لها أهمية سوى عرقلة الإفراج عن هذه الحوالات” كما قال.
ونقرأ في موقع “وزارة التعليم العالي” السورية، أن اجتماعاً عقده قبل عامين الوزير السابق غياث بركات في مقر السفارة بلندن مع وفد من الطلبة السوريين ببريطانيا، فأمطرهم بالنصائح وبأن مهمتهم هي إبراز الوجه الحضاري لسوريا ودورها البارز، ثم أنهى: “كل منكم هو سفير لسوريا في البلد الموفد إليه”، لكن طالب الدكتوراه قال: “بعثونا سفراء وأصبحنا مهددين بالطرد وفقراء”.