بقلم: طارق الحميد
لن تهنأ المنطقة إلا بعد سقوط نظام بشار الأسد غير مأسوف عليه لنتخلص من أسوأ الأنظمة العربية على الإطلاق، لكن يجوز القول الآن إن يوم الاثنين الماضي كان يوما تاريخيا للسوريين، وللمنطقة، حيث سحب العرب شرعية نظام الأسد، واعترفوا أخيرا بالائتلاف الوطني السوري باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري والمحاور الأساسي مع الجامعة العربية.
إنه يوم تاريخي يسعد كل صاحب ضمير، وكل محب لهذه المنطقة، وكل مؤمن بالعدالة، والحفاظ على مصالح المنطقة، وتطهيرها من الأنظمة الإجرامية. يوم تاريخي طالما طالبنا به، نعم طالبنا به، ويحق لنا ترداد ذلك اليوم، وكل يوم حتى يسقط الأسد. فطوال عشرين شهرا من الجرائم الأسدية كنا، وقلة من العقلاء في هذه الصحيفة، نقول إن العرب يضيعون الوقت في سوريا، ويمنحون الأسد الفرصة تلو الأخرى، وأكثر من لعب هذا الدور المخزي هو الجامعة العربية نفسها، وأيا كانت أعذارها، حيث استجابت لحيل الأسد، وسلمت نفسها لكل مخططاته الشريرة، والنتيجة اليوم ما يزيد على ستة وثلاثين ألف قتيل!
لكن، وكما يقول المثل، أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي على الإطلاق، فقد جاء العرب متأخرين، واعترفوا بالائتلاف الوطني السوري باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري والمحاور الأساسي مع الجامعة العربية بعد أن قاد الخليجيون، والمجتمع الدولي، بالدوحة جهد توحيد المعارضة السورية، على غرار ما حدث في ليبيا. وها هم يتوجون جهودهم باعتراف الجامعة بالائتلاف الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري، وعلى غرار ما حدث في ليبيا أيضا قبيل إسقاط طاغية طرابلس معمر القذافي.
لكن للأمانة، وللتاريخ، فمثلما أن هناك دولا خذلت الشعب السوري، وهذا ما سيسجله التاريخ، وعلى رأسها الجزائر، والعراق، وبالطبع الحكومة اللبنانية الحالية، فإن التاريخ سيسجل للخليجيين، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، ومنذ خطاب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في رمضان قبل الماضي، الذي طالب فيه بوقف آلة القتل الأسدية، أنهم هم الرافعة الأخلاقية والسياسية في سوريا. وها هم الخليجيون أول من يعترفون بالائتلاف الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري، وطالبوا الدول العربية، والمجتمع الدولي، بالسير على ذلك النحو، وهو ما تم في الجامعة، وما سوف يتم دوليا.
ومن المهم، واللافت في قرار الجامعة العربية الذي تضمن الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري، الدعوة إلى ضرورة مواصلة الجهود من أجل تحقيق التوافق بمجلس الأمن، ودعوة المجلس لإصدار قرار الوقف الفوري لإطلاق النار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهذا يعني أن العرب هم من يطالبون بتجهيز المشهد الأخير لطي صفحة المجرم الأسد، ووفقا للقرارات الدولية. والحقيقة أن نهاية الأسد لن تكون محصورة في القرارات الدولية وحسب، بل هي عملية يومية لم تتوقف في الداخل السوري.، وها نحن نقترب من لحظة النهاية تلك، من دون شك، وأهم خطوة بهذا الاتجاه كانت الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري عربيا.
ملخص القول إنه يوم تاريخي يستحق الإشادة مع الحذر حتى يأتي اليوم الأهم وهو يوم رحيل طاغية دمشق، وهو أقرب من أي وقت مضى.