بقلم: علي حسين باكير
لا جدال في أنّ النظام السوري يعتبر ذخيرة إيران الاستراتيجية في المنطقة العربية، فالنظام الإيراني نسج علاقات استراتيجية مع النظام الذي مثّلته عائلة الأسد منذ اندلاع الثورة في العام 1979. ولا يخفى على أحد مقدار الخسائر الجيواستراتيجية التي ستمنى بها طهران عند سقوط النظام السوري، وهي غير قابلة للتعويض، ناهيك عن إمكانية أن يصل الدومينو إلى إيران نفسها بعد أن يكون حلفاء النظام السوري والإيراني قد تلقوا ضربة قاصمة في لبنان والعراق.
ولأن طهران أحرقت أوراقها مع المعارضة السورية ومع أي نظام بديل عن الأسد، نظراً للدعم اللامتناهي واللامحدود للنظام السوري ومفاخرتها في المجاهرة بدعمه حتى النهاية سياسياً ومالياً وعسكرياً وإعلامياً، فمن المنتظر أن تواجه أزمة هي الأكبر منذ اندلاع الثورة الإيرانية.
ماذا ستفعل إيران حينها ؟! الاستسلام وقبول الواقع سيعني عملياً انتهاء حقبة وبداية حقبة جديدة في إيران نفسها وإمكانية انهيار نظامها نفسه، لذلك، فإن الذي يعرف إيران جيداً، والذي يتابع تاريخياً مسارات السياسة الإيرانية والوسائل والأدوات المستخدمة في تحقيق هذه السياسة يعلم أنّ الخيار الوحيد الموجود في العقلية الإيرانية حينها هو الحرص على أن تكون سوريا الجديدة سوريا ضعيفة.
بمعنى آخر، تخيّلوا معي سوريا جديدة على نمط لبنان الذي كان خلال الثلاثين سنة الماضية بمثابة حقل تجارب للنظامين الإيراني والسوري، وفيه اختبر كل منهما كافة النظريات الممكنة حول القوة وحول التحكّم والاستغلال والتوظيف والتجيير.
الهدف الإيراني سيكون الاستثمار في إضعاف الدولة السورية، ولعلّكم تتساءلون لماذا يتابع الأسد تدمير سوريا في الوقت الذي بات من الواضح فيه أنه ساقط عاجلاً أم آجلاً؟. الجواب يتطابق مع أهداف السياسة الإيرانية القادمة.
فسوريا ضعيفة، مهترئة، طائفية، غير مسيطرة على أراضيها بشكل كامل، تنتشر فيها الفوضى ستشكّل مدخلاً لاستمرار الشروع الإيراني والنفوذ والتأثير الإيراني بشكل أو بآخر. سيكون هناك فرصة استثمار مجموعات هدفها فقط محاربة إسرائيل بغض النظر عن مصلحة السوريين أو الدولة السورية، وسيكون بالإمكان على الدوام استخدامهم لخدمة إيران.
في سوريا الضعيفة، ستكون هناك إمكانية استنساخ مجموعات كحزب الله، في سوريا طائفية، ستكون هناك إمكانية دوماً لاختراق المجتمع عبر المذهبية وتشكيل مجموعات ولاء تعمل كلوبي إيران داخل البلد، سيكون مهمتها تعطيل قيام دولة قوية كما يفعل حزب الله في لبنان، وبالتالي يبقى ارتباط سوريا بإيران قائماً عبر التخريب الاجتماعي والأمني والطائفي.