أكدت موسكو عدم صحة الأنباء التي تتناقلها وسائل الإعلام الغربية والعربية حول اعتزام روسيا المشاركة في مناورات مع الصين وإيران وسوريا خلال الأسابيع المقبلة. وفي ما يبدو «حملة كاملة العدد»، انتقدت الصحف وأجهزة الإعلام الروسية الرسمية والمستقلة، ما اعتبرته «اتهاما» من جانب وسائل الإعلام الغربية والعربية لروسيا بتزويد سوريا بالمروحيات العسكرية وإرسال سفن الإنزال إلى الشواطئ السورية والاستعداد للمناورات المشتركة خلال الأسابيع المقبلة. ونقلت الصحيفة الروسية الرسمية «روسيسكايا غازيتا» عن مصادر في وزارة الدفاع الروسية قولها إن «هذا الخبر (المناورات المشتركة) الملفق حلقة جديدة في الهجوم الإعلامي ضد موسكو». وقالت إن «وزارة الدفاع الروسية تعتبره (نوعا من الهذيان)»، وإنها لفتت الانتباه إلى «ثغراته العديدة» ونقلت عنها قولها إنه «من الواضح أن قوات الجيش السوري النظامي لا وقت لديها للمشاركة في أية مناورات عسكرية. كما أن من غير المنطقي أبدا أن ترسل روسيا والصين وحدات عسكرية إلى منطقة مضطربة على شفا الحرب الأهلية».
لكن في غضون ذلك، قال مسؤول بهيئة قناة السويس في مصر أمس إن إدارة القناة ستسمح بمرور سفن حربية إيرانية وروسية وصينية إلى سوريا للمشاركة في مناورة عسكرية بالاشتراك مع سوريا أمام سواحلها الشهر المقبل. وقالت إدارة قناة السويس إنها ستسمح بمرور هذه السفن بعد موافقة وزارة الدفاع المصرية وهي الجهة المسؤولة عن منح هذه الموافقات التي تتعلق بالسفن الحربية.
وقال المسؤول بالقناة، التي تعتبر أحد أعمدة الاقتصاد المصري، إن القناة لا تملك منع أي سفن حربية أو تجارية من المرور بحسب اتفاقية القسطنطينية التي تنظم الملاحة داخل قناة السويس، وأضاف أنه سيتم تشديد الإجراءات الأمنية بقناة السويس عند عبور هذه القطع الحربية، وأنها إجراءات تتبع عند مرور أي قطع حربية؛ وتشمل وقف حركة معديات نقل المواطنين بين ضفتي القناة، ومنع مرور السيارات على جسر قناة السويس والطريق البري الموازي للقناة، إضافة إلى مرافقة قاطرات تابعة لإدارة القناة للقطع المارة. وأضاف أن قناة السويس لم تتلق حتى الآن طلبا بعبور هذه القطع الحربية.
وكانت وكالة «فارس» للأنباء شبه الرسمية القريبة من الحرس الثوري الإيراني نشرت ما قالت إنها معلومات عن قيام كل من إيران وروسيا والصين وسوريا بمناورة عسكرية مشتركة قوامها 90 ألف جندي، تتم على الأراضي السورية بعد شهر من الآن، وقالت الوكالة إن الصين حصلت على موافقة مصر لعبور قطعها البحرية وعددها 12 قطعة، لقناة السويس للمشاركة في المناورة، وأكدت الوكالة الإيرانية التي وصفت المناورة بـ«الأكبر» في الشرق الأوسط، أنها ستتم بعد تصفية الأراضي السورية من المحتجين.
وكان مصدر رسمي سوري سبق أن أعلن قبل أسبوعين أن الأراضي السورية ستشهد مناورة عسكرية مشتركة، بحضور قوات إيرانية وروسية وصينية إلى جانب القوات السورية قريبا.
وعادت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية أمس للإشارة إلى استعداد عدد من السفن العسكرية للإبحار إلى البحر الأبيض المتوسط؛ ومنها السفينتان «نيكولاى فيلتشينكوف» و«تسيزار كونيكوف» وقاطرة الإنقاذ «إس بي – 15» بهدف تنفيذ عدد من المهام الخاصة في ميناء طرطوس على السواحل السورية. وكانت الوكالة نفسها سبق أن أشارت إلى أن «سفينتي الإنزال الروسيتين (تسيزار كونيكوف) و(نيكولاي فيلتشينكوف) بصدد القيام برحلة بحرية بعيدة المدى إلى الساحل السوري لنقل فريق من مشاة البحرية المخصص لحراسة القاعدة الروسية في طرطوس»، رغم تأكيدها في وقت سابق أن «سفينة الإنزال الكبيرة (تسيزار كونيكوف) غادرت يوم 18 يونيو (حزيران) الحالي قاعدة (سيفاستوبول) البحرية الروسية متوجهة نحو أحد ميادين التدريب القتالي في البحر الأسود وليس نحو البحر المتوسط». ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» عن أحد ضباط مشاة البحرية قوله: «سفينة (تسيزار كونيكوف) ستقوم بقياس المجالات المغناطيسية والصوتية في ميدان التدريب القتالي التابع للأسطول. كما ستجري السفينتان أعمال الصيانة المخطط لها، وستجري السفينة (نيكولاي فيلتشينكوف) بالقياس ذاته في 20 يونيو الحالي على أن تعود إلى ميناء سيفاستوبول في الخامس والعشرين من الشهر نفسه». وأشارت وكالة أنباء «إنترفاكس» إلى أنه لم يصدر أي تأكيد رسمي من البحرية أو من وزارة الدفاع الروسي حول هذه الشأن.
وقد جاءت هذه الأنباء مواكبة لأخرى نقلتها وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن مصادر وزارة الدفاع الروسية تنفي ما تناقلته وسائل إعلام أجنبية حول «توجه سفينة الإنزال الروسية الكبيرة (كالينينغراد) التابعة لأسطول البلطيق الروسي إلى مياه البحر الأبيض المتوسط، والدخول إلى ميناء طرطوس السوري»، إلى جانب ما قيل حول «مناورات عسكرية مشتركة على الأراضي السورية». وكانت وكالة «نوفوستي» نقلت أيضا في وقت سابق عن بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري للشؤون السياسية والإعلامية خلال زيارتها لموسكو نفيها لما تردد حول مناورات عسكرية مشتركة لقوات روسية وصينية وإيرانية وسورية خلال الأسبوع المقبل على الأراضي وفي المياه الإقليمية السورية. وقالت المستشارة السورية أيضا بعدم صحة ما قيل حول إبحار سفينة روسية من ميناء كالينينغراد في اتجاه السواحل السورية تحمل على متنها شحنة من الأسلحة والمروحيات فيما وصفت هذه الأخبار بالاستفزازية والبعيدة عن الواقع. غير أن وكالة أنباء «إنترفاكس» عادت أمس لتنقل عن مصادر في أركان القوات البحرية الروسية تأكيدها استعداد سفينة الإنزال الضخمة «كالينينغراد» التابعة لأسطول بحر البلطيق الروسي للإبحار إلى مياه البحر المتوسط. وأضافت المصادر أن هذه السفينة تشارك حاليا في «أسبوع كيل» الألماني البحري الذي يقام في قاعدة «كيل» البحرية الألمانية، وأنها ستقوم برحلة بحرية بعيدة المدى ستقضي معظمها في البحر المتوسط حيث ستزور ميناء طرطوس ومركز التأمين المادي التقني الروسي. وأشارت المصادر الروسية إلى أن «السفينة تحمل على متنها وحدة من مشاة البحرية الروسية على استعداد تام لتنفيذ المهام الموكلة لها، كما فعلت ذلك أثناء مناورات الناتو (بالتوبس – 2012) البحرية الدولية التي شاركت فيها سفينة الإنزال (كالينينغراد) مطلع يونيو الحالي».
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية مساء أول من أمس أن سفينة شحن روسية تحمل مروحيات هجومية لسوريا قد عادت أدراجها بعد قيام شركة التأمين البريطانية بإلغاء بوليصة التأمين البحري الخاصة بالسفينة الروسية.
وأبدى وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ سعادته بعودة السفينة الروسية وقال: «يسرني أن السفينة التي تحمل أسلحة لسوريا قد تحولت مرة أخرى على ما يبدو نحو روسيا، ولدينا في الاتحاد الأوروبي حظر على توريد الأسلحة إلى سوريا، ولا نشجع أي شخص على توريد أسلحة لسوريا، وقد أجرينا محادثات مع روسيا حول هذا الأمر على وجه التحديد».
وأظهرت بيانات تتبع السفينة «إلا إيد» أنها انطلقت من ميناء بالتزييك الروسي في مقاطعة غاليينغراد على بحر البلطيق يوم 11 يونيو الحالي، ووصلت إلى قبالة الساحل الشمالي الغربي لأسكوتلندا يوم الاثنين، وبعد قيام الشركة البريطانية بإلغاء تأمينها على السفينة، عادت السفينة أدراجها يوم الثلاثاء إلى روسيا، ومن المتوقع أن تصل إلى ميناء فلاديفوستوك الروسي يوم 24 يوليو الحالي، وفقا لبيانات التتبع. لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية تشكك في أن ثلاث سفن روسية أخرى، تحمل إمدادات وقوات ربما تكون في طريقها إلى القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري، وهو موطئ قدم قوي لموسكو في منطقة الشرق الأوسط، والميناء الروسي الوحيد على المياه الدافئة خارج الاتحاد السوفياتي السابق.
وقال جون كيربي المتحدث باسم البنتاغون في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، إن المسؤولين الروس أكدوا أن تلك السفن تحمل إمدادات خاصة للقوات الروسية والعاملين في منشآتها البحرية الموجودة في ميناء طرطوس السوري، وقال: «ليس لدينا مؤشر أن تلك السفن والمواد العسكرية يتم إرسالها لغرض آخر غير ما تصرح به العسكرية الروسية، فقد تعرض المواطنون الروس في سوريا لتهديدات، ونية موسكو – كما تقول – هي حماية مواطنيها».
وشدد على دعم الولايات المتحدة لقرار روسيا بوقف إرسال سفن شحن إلى سوريا، وقال: «إننا لا نريد أن نرى نظام الأسد يحصل على الأسلحة والذخائر أو أي دعم قتالي يمكن استخدامه». وأكد كيربي على البيان المشترك للرئيسين أوباما وبوتين حول سوريا خلال قمة دول العشرين واتفاقهما على المضي قدما في تحقيق انتقال سياسي في سوريا إلى نظام ديمقراطي تعددي. وقال كيربي: «أعتقد أننا يمكن أن نتفق جميعا على أن هذا هو الجواب الصحيح لسوريا والشعب السوري»، وأضاف: «يحتاج الأمر إلى استمرار الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية على نظام الأسد حتى يتنحى ويفعل ما في مصلحة الشعب السوري».
وكرر كيربي تحذيرات مسؤولين أميركيين وتصريحاتهم بأن تقديم مساعدات عسكرية إلى نظام الأسد أمر لا يطاق وأمر غير مقبول، وقال: «لقد كنا واضحين جدا مع المجتمع الدولي بأسره وليس فقط مع الروس حول قلقنا من المساعدات العسكرية، والدعم الذي يحصل عليه نظام الأسد، وأوضحنا بواعث قلقنا بشكل واضح جدا حول مبيعات الأسلحة للأسد». وأكد المتحدث باسم البنتاغون أن المسؤولين الأميركيين يعملون مع المجتمع الدولي للتأكد من أن الأسد لا يملك تحت تصرفه وسيلة لقتل شعبه، أو على الأقل الحد من قدرات الأسد لقتل شعبه.