الكبرى المريبة التي يشهدها عالمنا.تساءل المدون روميو فيتالي في مقال له على موقع psychology today حول السبب الذي يجعل الكثيرين يؤمنون بشكل مطلق بوقوف
نظريات المؤامرة خلف كل الأحداث الكبرى المريبة التي يشهدها عالمنا.
وقال روميو إنه سواءً كنا نعتقد أن هجمات سبتمبر (أيلول) مؤامرة من إدارة بوش لشن الحروب، أو أن ناسا فبركت قصة الهبوط على سطح القمر، أو أن الاستخبارات الأمريكية هي من اغتالت الرئيس جون كنيدي، أو أن العالم يقع تحت سيطرة كائنات فضائية، ستظل نظريات المؤامرة هي التفسير المنطقي الوحيد لكل تلك الأحداث بالنسبة إلى بعض الناس.
ومما لا شك فيه – يشير التقرير – فإن المؤمنين بتلك النظريات يعتقدون جزمًا أن كيانًا خفيًا ما – مثل المتنورين والنظام العالمي الجديد أو الماسونيين – يحجبون المعلومات التي تثبت صحة نظرياتهم. وقد ظهرت أطراف لدعم جماعات عديدة تحتضن هذه أو تلك النظرية وليس هناك ما يستطيع زعزعة إيمانهم بتلك النظريات. ويبدو أن الأحداث العالمية المتعاقبة تضيف المزيد من النظريات إلى العدد اللانهائي من النظريات القائمة أصلاً.
وعلى الرغم من أن نظريات المؤامرة لا تبدو خطيرة، فإن تبعات الاعتقاد بها قد تكون ذات ضرر بالغ أكثر مما نتصور. تداول الناس إشاعات حول بعض اللقاحات وادعوا أنها تسبب مرض التوحد، مما أدى إلى انخفاض حاد في عمليات التطعيم، وارتفاع معدلات الأمراض التي يمكن الوقاية منها. وبنفس المنطق – يؤكد روميو – أدت شائعات مماثلة عن فلورة المياه (إضافة الفلورايد إلى المياه للحد من تسوس الأسنان)، والتغير المناخي، وعلاجات السرطان البديلة إلى عواقب وخيمة في السنوات الأخيرة.
وبعدما أدركوا مدى خطورة نظريات المؤامرة – يضيف التقرير – أجرى علماء النفس العديد من الدراسات لمحاولة فهم سبب انجذاب البعض إلى تلك النظريات. وقد أثبتت إحدى الدراسات أن سمات شخصية بعينها مثل الميكافيلية، والانفتاح على التجارب، والنرجسية، والتشدد في الآراء تزيد حدتها لدى المؤمنين بهذه النظريات. كما أظهرت الدراسة أن مستوى التفكير التحليلي ينخفض لدى هؤلاء الأفراد، وأن لديهم ميلًا نحو رؤية أنماط بعينها بين أحداث عادة لا يكون بينها أي صلة. لكن بحثًا جديدًا نشرته دورية Social Psychology يشير إلى أن نظريات المؤامرة توفر بعض المنافع النفسية لمن يؤمنون بها.
ينقل التقرير عن أنتوني لانسيان – الأستاذ في جامعة باريس نانتير الفرنسية – قوله إن الناس ينجذبون نحو نظريات المؤامرة بحثًا عن التفرد. بعبارات أخرى – يشير روميو – فإن هؤلاء الأشخاص يشعرون بحاجة إلى التميز عن الآخرين بتبني معتقدات تخالف المتعارف عليه. ومثلما قد تتسبب هذه الحاجة في دفع الناس نحو عادات غريبة أو السعي خلف تجارب تميزهم عن أقرانهم، فإن المؤمنين بتلك النظريات يتبنون معتقدات شاذة بشأن العالم تجعلهم يشعرون بالتميز أو أنهم متفوقون على أقرانهم. وسواءً كان ذلك مقترنًا بتبني الحقيقة خلف الاغتيالات السياسية، أو الزيارات القادمة من الفضاء، أو السلوكيات الخاطئة للحكومات، أو الاكتشافات العلمية السرية التي لا يعرف الناس شيئًا عنها، فإن الاقتناع بنظريات المؤامرة يوفر للمؤمنين بها إحساسًا زائفًا بالثقة حول الطريقة الحقيقية التي يسير بها الكون.
قام لانسيان وفريقه بإجراء المزيد من البحوث لدراسة الطرق المختلفة التي تجعل الناس يتبنون نظريات المؤامرة بحثًا عن التفرّد. سئل المئات في أول دراستين عن رأيهم في نظريات المؤامرة الشائعة – يوضح روميو – وما الذي فعلوه للاقتناع بهذه النظريات، وكيف ارتبطت تلك المعتقدات بشعورهم بالتفرّد. اكتشف القائمون على الدراسة أن أكثر الأشخاص إيمانًا بنظريات المؤامرة يعتقدون أن لديهم معلومات لا يعرفها غيرهم، وأظهروا حاجة إلى الشعور بالتفرّد كما كان متوقعًا. كما تبين رفضهم للانسجام والسير مع الحشد.
أثبتت إحدى الدراسات أن سمات شخصية بعينها مثل الميكافيلية، والانفتاح على التجارب، والنرجسية، والتشدد في الآراء تزيد حدتها لدى المؤمنين بهذه النظريات.وفي الدراسة الثالثة – يواصل روميو كلامه – قدم لانسيان وزملاؤه 223 طالبًا خضعوا لاختبار حول رغبتهم في التفرّد، وأخضعوا لاحقًا إلى تجربة أو اثنتين. اشتملت التجربة الأولى على كتابة مقال حول أهمية التفرد، بينما ركزت الثانية على أهمية الانسجام. وكان القصد من هذا هو للتلاعب في الحاجة للتفرّد. بعد ذلك، قرأ جميع المشاركين قصة وهمية عن حادث وقع لحافلة في مولدوفا قد يكون نتيجة مؤامرة (بما أنه قد شهد مقتل 8 من السياسيين المعارضين أيضًا).
وعلى الرغم من أن المشاركين التجربة الأولى أظهروا ميلاً أكبر للاعتقاد بوجود مؤامرة عن المشاركين في التجربة الثانية، كان الفرق بسيطًا إلى حد ما. ومع ذلك، ظهرت بعض الأدلة على أن الحاجة للتفرّد يمكن أن تجعل الناس أكثر اقتناعًا بالمؤامرات. كانت الدراسة الرابعة كانت مشابهة للغاية باستثناء استخدام التلاعب التجريبي لجعل المشاركين يعتقدون أن وجود حاجة للتفرد يعني نجاحًا أكبر في المستقبل.
بصفة عامة – يقول روميو – أظهرت هذه الدراسات الأربع أدلة قوية على أن الحاجة إلى الشعور بالتفرد يمكن أن يجعل الناس أكثر دعمًا لنظريات المؤامرة. ولكن، وهذا تمييز مهم، يبدو أن هذا ينطبق عندما تكون النظرية مدعومة فقط من قبل أقلية من الناس. فإذا كان معظم الناس يعتقدون في نظرية مؤامرة بعينها، فقد تؤدي الحاجة إلى التفرد إلى رفض الشخص هذه النظرية! ومثلما أشار لانسيان وزملاؤه، فهناك حدود لما يمكن استنتاجه من نتائج هذه الدراسة، وهناك حاجة إلى مزيد من البحوث بالتأكيد.
أحد الاتجاهات المحتملة للبحوث المستقبلية تأتي من ما يعرف باسم نظرية التميز المثلى التي تشير إلى أن إحساسنا بالهوية الاجتماعية يأتي من المجتمعات التي نعتقد أننا ننتمي إليها. بالنسبة لنظريات المؤامرة، فإن أحد العوامل التي تجعل الناس يؤمنون بها بشدة هو الشعور بالهوية الشخصية التي تأتي من الانتماء إلى مجموعة معينة، وهي الأقلية التي تعرف ما يحدث بالفعل، مما يجعلهم يرفضون أي دليل قد يهز هذا الاعتقاد. وهذا قد يجعلهم أيضًا ينظرون بازدراء نحو من لا يشاركونهم المعتقد، وهم «القطيع» الذين يسهل خداعهم.
إذًا، ما موقفك من نظريات المؤامرة المختلفة؟ ولماذا هذا الاعتقاد مهم جدًا بالنسبة لك؟ يتساءل روميو في الختام.
ساسة بوست