يرى محللون سياسيون فلسطينيون أن “خطة كتائب القسام”، التي اقترحتها على قيادة حركة “حماس”، والمتمثلة بإحداث حالة فراغ سياسي وأمني في قطاع غزة، تهدف إلى معالجة الأزمة التي تواجهها الحركة، من خلال صناعة أزمات أخرى.
وحذر هؤلاء المحللون السياسيون، من أن هذه الخطة قد تفتح الباب أمام شن إسرائيل حرب جديدة ضد قطاع غزة.
وكان مصدر مطّلع في “حماس”، قد كشف أمس”، أن قيادة كتائب عز الدين القسّام، الجناح المسلّح للحركة، قدّمت للقيادة السياسية، خطّة مقترحة من أربعة بنود، للتعامل مع الأوضاع في قطاع غزة.
ولم يتضح بعج موقف قيادة حماس من هذه المقترحات.
وقال المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، “تتلخص الخطة في إحداث حالة فراغ سياسي وأمني بغزة، قد يفتح الباب على مصراعيه لكل الاحتمالات بما في ذلك حدوث مواجهة عسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي”.
وتتكون الخطّة، وفق المصدر، من أربعة بنود، يتمثّل أبرزها بإحداث حالة من الفراغ السياسي والأمني في غزة، إذ تتخلى حركة “حماس” عن أي دور في إدارة القطاع.
وتابع المصدر:” تكلّف الشرطة المدنية بدورها في تقديم الخدمات المنوطة بها، وتقوم بعض المؤسسات المحلية بتسيير الشؤون الخدماتية للمواطنين”.
وشدّد على أن “كتائب القسّام”، والأجنحة العسكرية التابعة للفصائل الفلسطينية، ستكلّف بملف السيطرة الميدانية الأمنية.
من جانبه يرى طلال عوكل، الكاتب السياسي، في صحيفة “الأيام” المحلية الصادرة من الضفة الغربية، أن “خطة القسام ذكية، ومحاولة لإزالة العقبات أمام حكومة الوفاق لتولي مهامها في غزة، دون أن تفقد حماس السيطرة على القطاع”.
وتابع يقول : تريد القسام أن تنزع كل الذرائع أمام حكومة الوفاق، وهذا يرمي الكرة تمامًا في ملعب حركة فتح ويعفي حماس من معالجة الأزمات المترتبة على الإجراءات التي اتخذها (الرئيس محمود)عباس بحق غزة”.
وحسب عوكل فإن “هذه الخطة لن تترك حجة أمام أحد عمليًا بأن حماس هي السبب في استمرار فرض عباس عقوبات على القطاع”.
وأكمل:” المرحلة المقبلة ضبابية، ويعتمد على تبني القيادة السياسة لحماس هذه الخطة”.
ويرى عوكل بأن حماس لن تضحي بعلاقاتها وتفاهماتها مع مصر، من أجل “خطة القسام”؛ فهي بالنسبة لها “خيار أساسي واستراتيجي”.
بدوره، قال حسام الدجني، الكاتب والباحث الفلسطيني إن هذه الخطة تهدف إلى “صناعة أزمة، أو إدارة أزمة أكبر، وأن القسام بات يدرك حجم المعاناة التي يعاني منها الفلسطينيين، وتأثيرها على كافة مناحي الحياة”.
وأضاف: الآن هناك تحدٍ كبير ومحاولة لخلط الأوراق، وإعادة الكرة لملعب المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ليتحركوا من أجل إلزام الرئيس أبو مازن بوقف العقوبات بحق غزة”.
وتابع الدجني:” ستحرك خطة القسام (في حال اقرارها من قيادة حماس) المياه الراكدة أيضًا فيما يتعلق بالحصار وتنكر المجتمع الدولي له، وربما تقود إلى حرب مع إسرائيل”.
وأكمل:” خطة القسام تعني شكل من أشكال عسكرة المجتمع، وبالتأكيد لن تجد قبولا لدى الأطراف الإقليمية والدولية وكل الذين يعملون على مدنية الدولة والسلام الإقليمي والاستقرار في الشرق الأوسط”.
ووفق الدجني فإن المجتمع الدولي لن يسمح بخطوة كهذه بالمرور، وربما تشهد الأيام القليلة القادمة اتصالات من دبلوماسيين غربيين مع قيادة حركة حماس، لدفعها بعدم القبول بخطة كتائب القسام.
وأردف:” الكرة الآن في ملعب حماس، وما سيحدد الخطوات القادمة التي سيتخذها عباس، تعتمد على طبيعة التحرك الإقليمي والدولي”.
من ناحيته، يقول أكرم عطا الله، الكاتب والمحلل السياسي، إن “مقترح القسام”، يحمل رسائل عديدة للأطراف المعنية بشؤون القطاع، وهي مصر وإسرائيل والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأضاف : تريد كتائب القسام أن تُرسل رسالة لمصر، تطلب فيها إنهاء أزمات قطاع غزة، والضغط لإزالة عقوبات السلطة الفلسطينية بحق الفلسطينيين”.
وتحمل الخطة في طياتها أيضًا “رسالة تهديد لإسرائيل؛ أنه في حالة حدوث فراغ سياسي وأمني في القطاع، ستنتج فوضى، وبالتالي ستتجه الأمور نحو التصعيد، والحرب”، وفق عطاالله.
وأردف:” يرغب القسام بدفع الحركة للتراجع خطوة للوراء، وعدم تحمل المسؤولية، لأنه يشعر بأن الحكم المدني لم يعد في صالح لحماس، وهو عبء ثقيل عليها، ويحملها مسؤولية كل هذا النقص والقصور، ويضعها دائمًا في دائرة العجز”.
ويرى عطاالله أن هذه الخطة “خارج المنطق، ومن الصعب تنفيذها، فالمجتمعات والسياسات لم تعد بدائية لتبقى بدون حكم أو سلطة، ولا تعرف الفراغات”.
وتابع:” أقصر الطرق وأسهلها هو حل اللجنة الإدارية، ودعوة عباس وحكومة الوفاق لتولي مسؤوليتهم، وليس إحداث حالة فراغ في غزة”.
ولا يعتقد عطا الله بأن خطة القسام، قد تدفع عباس إلى التراجع عن شروطه مقابل رفع العقوبات عن غزة، وأنه سيتجاوب معها، لأنه لن يقبل بصناعة أزمة من أجل حل أزمة أخرى، وهو يريد حل اللجنة الإدارية”.
واستدرك:” السيناريو القادم بشأن غزة يحمل مزيدًا من الاجراءات العقابية ضد غزة، والأوضاع تتجه نحو التأزم والتعقيدات الانسانية، وهذا كله من شأنه أن يدفع بالمصالحة الفلسطينية-الفلسطينية بعيدًا”.
ويعاني قطاع غزة، حاليا، من أزمات معيشية وإنسانية حادة، جراء استمرار إسرائيل بفرض حصارها عليه إضافةً إلى خطوات اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤخراً، ومنها فرض ضرائب على وقود محطة الكهرباء، والطلب من إسرائيل تقليص إمداداتها من الطاقة للقطاع، بالإضافة إلى تقليص رواتب موظفي الحكومة، وإحالة الآلاف منهم للتقاعد المبكّر.
وسبق للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن هدد باتخاذ “خطوات غير مسبوقة”، إن لم تستجب حركة حماس لمطالبه المتمثلة بـ”حل اللجنة الإدارية التي شكلتها في غزة، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من تحمّل مسؤولياتها كاملة، والاستعداد للذهاب للانتخابات العامة”.
وفي مارس/آذار الماضي، شكلت “حماس” لجنة لإدارة الشؤون الحكومية في قطاع غزة، وهو ما قوبل باستنكار الحكومة الفلسطينية، وبررت الحركة خطوتها بـ”تخلي الحكومة عن القيام بمسؤولياتها في القطاع”.
وكالات