أطاحت الحكومة التركية أمس، قادة القوات البرية والجوية والبحرية وأبقت على رئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار، على رغم جدل في شأن دوره في محاولة الانقلاب الفاشلة العام
الماضي.
أتى ذلك خلال الاجتماع السنوي لمجلس الشورى العسكري، والذي اختُتِم في غضون ست ساعات للمرة الأولى، بعدما اعتادت تركيا متابعة أعمال المجلس لثلاثة أيام.
وبذلك تُدشّن حكومة حزب «العدالة والتنمية» أولى خطواتها العملية لبسط سيطرة سياسية كاملة على كوادر الجيش، وعملية ترقية كوادره وتعيينها. وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بأنها المرة الثالثة منذ المحاولة الانقلابية التي يُعقد فيها الاجتماع الذي كان «سرياً جداً»، في مقر رئاسة الوزراء بأنقرة بدل مقرّ قيادة الجيش.
وأعلن ناطق باسم الرئيس رجب طيب أردوغان إبدال قادة القوات البرية الجنرال صالح زكي جولاق والجوية الجنرال عابدين أونال والبحرية الأميرال بولنت بوستان أوغلو، بعد انقضاء مدد خدمتهم. وتولى الجنرال يشار غولر قيادة القوات البرية، والجنرال حسن كوتشوك أكيوز قيادة سلاح الجوّ، والأميرال عدنان أوزبال قيادة القوات البحرية.
وأشارت مصادر في الجيش إلى أن الحكومة ارتأت إحالة القادة السابقين على التقاعد، على رغم أنهم تولوا مناصبهم لسنتين فقط، والإبقاء فقط على رئيس الأركان خلوصي أكار.
وأعلنت وزارة الدفاع أن المجلس العسكري قرر ترقية 6 جنرالات/ أميرالات إلى رتبة أعلى، و61 عقيداً إلى رتبة جنرال/ أميرال، فيما مُدِدت مهمات 8 جنرالات سنة، و168 عقيداً لسنتين.
وكان المجلس العسكري قلّص العام الماضي مدة خدمة ضباط، وأحال 586 ضابطاً برتبة عقيد على التقاعد، ومدّد خدمة 434 آخرين لسنتين. واعتقلت تركيا 169 جنرالاً وأميرالاً، منذ المحاولة الانقلابية في تموز (يوليو) 2016.
وكان أردوغان راجع كل لوائح الترقيات والتعيينات والتنقلات التي تتعلق بالجنرالات والضباط من الرتب العالية، مع رئيس الوزراء بن علي يلدرم، في اجتماع مطوّل الإثنين الماضي، وذلك بعد عمل تحضيري شارك فيه قياديون من حزب «العدالة والتنمية» لأسبوعين، فُحِصت خلاله كل الأسماء وجرى التأكّد من عدم ارتباطها بجماعة الداعية فتح الله غولن. لكن المعارضة رأت أن العملية شابتها محاباة لأسماء مقرّبة من الحزب الحاكم، لجهة ترقيتها وتوليها مناصب مهمة، في خطوة اعتبرتها «على طريق تشكيل جيش يتبع للحكومة والحزب الحاكم، أكثر من ولائه للدولة».
وكانت وسائل إعلام تركية تحدثت عن «خصوصية» هذا الاجتماع و «أهميته»، إذ ركّز على تعويض عدد ضخم من الجنرالات والضباط الذين احتُجزوا بتهمة المشاركة في المحاولة الانقلابية وبدأت محاكمتهم أخيراً. وأشارت إلى أن الترقيات قد تقفز بضباط إلى رتبة جنرال، من أجل سدّ الفراغ في صفوف الجنرالات.
وشارك في اجتماع مجلس الشورى العسكري أمس، رئيس الأركان وقادة القوات البرية والبحرية والجوية، في مقابل رئيس الوزراء بن علي يلدرم الذي رأس الاجتماع، مع أربعة من نوابه ووزراء الدفاع والخارجية والعدل والداخلية.
وكانت الحكومة أصدرت قوانين تحت سلطة حال الطوارئ التي فُرضت بعد المحاولة الانقلابية، أعادت تركيب مجلس الشورى العسكري وآليات عمله، إذ فقد العسكريون الغالبية العددية في المجلس، لمصلحة الوزراء، كما احتكر الحزب الحاكم تنظيم لوائح الترقيات والتعيينات التي كان يُعدّها رئيس الأركان.
وشهد الاجتماع سابقة خلال الحفل البروتوكولي الافتتاحي، إذ يزور المشاركون ضريح مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة. وقام يلدرم بالدعاء وقراءة الفاتحة على قبره، في مشهد يُعتبر سابقة في تاريخ البلاد.
وكتب يلدرم في دفتر الزيارة داخل الضريح: «بعزم شعبنا وإرادته، تستمر بلادنا في إثبات وجودها جزيرة للاستقرار داخل منطقة تكثر فيها الأزمات، ودولتنا تمتلك القدرة الكافية على ردع كل التهديدات الموجهة إليها. أهم أهدافنا، الوصول إلى تركيا أكثر رفاهية وأمناً وعدلاً وحرية». واعتبر أن الشعب التركي أظهر خلال المحاولة الانقلابية أنه «لا يقبل أي نوع من الوصاية على إرادته».
وأشار يلدرم خلال اجتماع مجلس الشورى العسكري، إلى «تهديدات داخلية وخارجية تستهدف أمن تركيا وسلامتها، لا سيّما أنها تقع ضمن رقعة جغرافية تشهد أحداثاً مهمة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً».
الحياة