نفذت موسكو تهديدها بالردّ على تشديد واشنطن عقوبات مفروضة عليها، إذ أمرت بتقليص عدد موظفي السفارة الأميركية لديها، وبمصادرة ممتلكات تابعة لها في روسيا. ولوّحت
الخارجية الروسية بالانتقام واتخاذ «تدابير أخرى قد تطاول المصالح الأميركية»، لـ «إعادة واشنطن إلى رشدها».
والتقى سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، السفير الأميركي في موسكو جون تيفت أمس، لإبلاغه الإجراءات المُتخذة. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية إن تيفت «أعرب عن خيبة أمل شديدة واحتجاج» على قرار روسيا.
لكن الخارجية الروسية أعلنت أن الوزير سيرغي لافروف برّر لنظيره الأميركي ريكس تيلرسون في اتصال هاتفي أمس، قرار موسكو بـ «خطوات عدائية من واشنطن»، لافتاً إلى أن بلاده مستعدة لتطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة والتعاون في ملفات عالمية كبرى. وأضافت أن لافروف وتيلرسون «اتفقا على البقاء على اتصال في شأن ملفات ثنائية».
ويأتي قرار موسكو بعد يوم على إقرار مجلس الشيوخ الأميركي تشديد عقوبات عليها، إثر مصادقة مجلس النواب، وإحالة مشروع القانون على الرئيس دونالد ترامب لتوقيعه بحيث يصبح قانوناً، أو نقضه.
ويستهدف مشروع القانون «معاقبة» موسكو على «تدخلها» في انتخابات الرئاسة الأميركية، وتورطها بنزاعَي أوكرانيا وسورية. واعتبر السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، أن تمرير المشروع تأخر كثيراً، ونعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقاتل وبلطجي، وسأل: «على مدى الشهور الثمانية الماضية، ما هو الثمن الذي دفعته روسيا لاعتدائها على انتخاباتنا؟»، وأجاب: «قليل جداً».
وحذر السيناتور الجمهوري ليندساي غراهام، ترامب من أن طرده روبرت مولر المحقق الخاص المكلف ملف التدخل الروسي، سيشكل «بداية النهاية» لعهده.
إلى ذلك، أصدرت الخارجية الروسية بياناً أمهل واشنطن حتى نهاية الشهر المقبل لتقليص عدد موظفيها في روسيا إلى 455 ديبلوماسياً، وهذا عدد الديبلوماسيين الروس في الولايات المتحدة، بعدما طردت نهاية العام الماضي 35 ديبلوماسياً روسياً وصادرت عقارَين تابعين للسفارة الروسية، في نيويورك وماريلاند.
وتضمّن ردّ روسيا تدابير مشابهة، إذ أعلنت مصادرة مستودعات تابعة للسفارة الأميركية في موسكو، ومنزل صيفي كان الديبلوماسيون الأميركيون يقضون فيه عطلاتهم. ولم يُعرف عدد الديبلوماسيين الأميركيين الذين عليهم المغادرة، لكن مصدراً في موسكو ذكر أن البعثات الأميركية في روسيا تضمّ بين 600 و700 موظف، مشيراً إلى أن على الولايات المتحدة سحب «مئات الديبلوماسيين والموظفين الفنيين». لكن وكالة «رويترز» نقلت عن مسؤول في السفارة الأميركية في موسكو أن هناك حوالى 1100 ديبلوماسي في البعثات الأميركية في روسيا، بينهم المواطنون الروس.
الحياة
وندّدت الخارجية الروسية بـ «تعديات بالغة للولايات المتحدة في الشؤون الدولية»، معتبرة أنها «تختبئ وراء فرادتها، وتتجاهل بغطرسة مواقف دول أخرى ومصالحها». وأضافت: «تحت ذريعة التدخل الروسي في شؤونها الداخلية، والمختلقة تماماً، تواصل الولايات المتحدة بقوة ممارساتها الفظة المعادية لروسيا، الواحدة تلو الأخرى. وكل ذلك يتعارض مع مبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة وقواعد منظمة التجارية العالمية وقواعد التعامل المتحضر بين الدول». واعتبرت الوزارة أن العقوبات الأميركية على روسيا «ليست قانونية وتنتهك الاتفاقات الدولية»، ورأت فيها «ابتزازاً لتقييد التعاون التجاري الخارجي لروسيا». وأعلنت أن موسكو «تحتفظ بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى قد تطاول المصالح الأميركية، انطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل». وشدد ريابكوف على أن «حزمة الردود الروسية على العقوبات الجديدة لا تتوقف عند تقييد عدد العاملين والحجز على أملاك» أميركية، لافتاً إلى «عدم استبعاد أي خطوات لإعادة واشنطن إلى رشدها». واعتبر أن «التصرفات الأميركية تستهدف ترهيب العالم، وروسيا لن تنصاع لمثل هذه الأعمال».