رغم العوائق الإسرائيلية أمام عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين تدفقوا على القدس أمس، مرّت صلاة الجمعة في المسجد الأقصى بسلام وهدوء نسبييْن، وإن تخللتها مواجهات
محدودة في البلدة القديمة في القدس وبعض مدن الضفة الغربية وقطاع غزة كانت حصيلتها شهيدين.
وفي تطور لافت على صلة بأحداث الأقصى، كشفت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي مساء أول من أمس أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ناقش مع مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنير وموفده الخاص جيسون غرينبلات فكرة تبادل أراض تضم بموجبها إسرائيل التكتل الاستيطاني «غوش عتصيون» (جنوب القدس المحتلة) في مقابل نقل مناطق من وادي عارة مع سكانها إلى السلطة الفلسطينية، متبنياً بذلك مشروع زعيم «إسرائيل بيتنا» وزير الأمن أفيغدور ليبرمان الذي طرحه للمرة الأولى عام 2002.
وأثار الاقتراح ردود فعل غاضبة في أوساط القيادات العربية في إسرائيل والتي حذرت رئيس الحكومة من خطورة أقواله، في حين ربط إسرائيليون فكرة التبادل بعملية الأقصى التي نفذها ثلاثة شبان من مدينة أم الفحم الواقعة في قلب وادي عارة.
واتجهت الأنظار أمس الى المسجد الأقصى الذي توافد عليه عشرات آلاف الفلسطينيين، من دون أن تنجح أعداد كبيرة في الوصول اليه بسبب الإجراءات والعوائق الإسرائيلية، فأدى بعضهم الصلاة في شوارع القدس وعند الحواجز العسكرية، وآخرون في محيط الحرم القدسي الشريف. وقال رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية الشيخ عبد العظيم سلهب لـ»الحياة» إن السلطات الاسرائيلية تحاول فرض إرادتها على المسجد بعدما فشلت أمام الانتفاضة الشعبية.
وكانت إسرائيل نشرت وحدات شرطة إضافية في البلدة القديمة وعند أبوابها وعلى الحواجز، كما حظرت دخول القدس للرجال دون سن الخمسين، قبل أن تتراجع، معتبرة أنّ ذلك كان إجراءً احترازياً لصلاة الظهر. وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في القدس أمس أن كل أبواب المسجد سيُفتح ويُسمح لجميع الأعمار بالدخول، علماً أن باب حطة الذي شهد أول من أمس مواجهات ساخنة، ما زال مغلقاً وسيتم فتحه في شكل تدريجي.
وعقب صلاة الجمعة، وقعت مواجهات في حي وادي الجوز في القدس، وعند مدخل بيت لحم الشمالي، وعلى حاجز قلنديا بين القدس المحتلة ورام الله، وفي منطقة الزاوية في الخليل، استخدمت خلالها قوات الاحتلال الرصاص المطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لتفريق المتظاهرين. وأكد الهلال الأحمر الفلسطيني في حصيلة أولية أن عدد الإصابات بلغ 52 توزعت بين الرصاص الحي والمطاط والكسور نتيجة الضرب.
وفي إطار نصرة الأقصى، استشهد الشاب عبد الرحمن حسين أبو هميسه (16 عاماً) برصاص الجيش الإسرائيلي بعد ظهر أمس خلال تظاهرة حاشدة عند السياج الشائك الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل شرق مخيم البريج وسط القطاع، كما جُرح آخران. وسبق ذلك استشهاد الشاب عبدالله علي طقاطقة برصاص الاحتلال عند مفترق «عتصيون» في بيت لحم بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن.
وتواصل أمس التضامن العربي والإسلامي والدولي مع الأقصى، وخرجت تظاهرات في نيويورك وجنوب أفريقيا والأردن وماليزيا وإيران، في حين أعلنت تركيا أن منظمة التعاون الإسلامي ستعقد اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية مطلع الشهر المقبل في اسطنبول للبحث في أزمة الأقصى.
الحياة