قالت دراسة بحثية إسرائيلية إن اتفاق مناطق خفض التصعيد في سوريا يحمل لـ إسرائيل بعض المخاطر لأنه لا يتضمن حماية مصالحها الأمنية بحكم غياب الدور الأميركي.
وفي الوقت ذاته، ترى الدراسة -التي نشرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب- أن هذا الاتفاق قد يمنح إسرائيل فرصة التأثير في الحرب الدائرة في سوريا.
وأوضحت الدراسة أن إسرائيل حافظت منذ اندلاع تلك الحرب على سياسة عدم التدخل في تطوراتها الساخنة، باستثناء قيامها بشن هجمات للحيلولة دون إيصال أسلحة متطورة لحزب الله في لبنان.
لكن اتفاق مناطق خفض التصعيد الأخير قد يدفعها لإعادة النظر في هذه السياسة مجددا، لأن هذا الاتفاق يشكل من وجهة نظرها خطوة إضافية في صياغة مستقبل سوريا.
وفي الوقت ذاته، توصلت الدراسة إلى أن هذا الاتفاق يضع أمام دوائر صنع القرار في تل أبيب جملة من التحديات والمخاطر الماثلة أمامها.
وقد ناقش معد الدراسة الباحث أوفيك ريمر تأثيرات هذا الاتفاق على إسرائيل من مختلف الأصعدة.
فعلى الصعيد الإقليمي، يقول ريمر إن الاتفاق تمت صياغته في ظل غياب واضح لدور الولايات المتحدة، وظهور جلي لدور روسيا وإيران وتركيا، مما يعني أنه لم يتضمن المصالح الإسرائيلية.
الوجود الإيراني
ويضيف ريمر أن الاتفاق المذكور يوفر لإيران موقعا رسميا معترفا به داخل سوريا، ويمنحها شرعية لوجودها العسكري، في موقف يتناقض كليا مع الخطوط الحمراء التي وضعتها واشنطن وتل أبيب.
وعلى الصعيد المحلي، فإن الاتفاق قد يوفر للنظام السوري فرصة العودة للمناطق الحدودية المحاذية لإسرائيل، ما يعني إفساح المجال للقوات المعادية لها للاقتراب من حدودها، وإشغال القوات الإسرائيلية بهذه المناطق التي تشهد هدوءا منذ سنوات طويلة.
يُشار إلى أن ريمر ضابط سابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وكان يعمل باحثا متخصصا في دائرة سوريا.
من جانبها، أوصت المشاركة بإعداد الدراسة كرميت فلانسي بأن تقوم إسرائيل بمنع وقوع هذه السيناريوهات السيئة بالنسبة لها، وذلك بالعمل على عدة مسارات: أولها إبداء حسم أكبر تجاه روسيا وتفعيل قواتها العسكرية في المنطقة بموازاة الجهود الروسية، وثانيهما تعزيز دور الولايات المتحدة والأردن ودول الخليج لإبداء تدخل أكبر في المباحثات الإستراتيجية حول الأزمة السورية.
أما المسار الثالث، فهو فرض احترام الخطوط الحمراء التي أعلنتها إسرائيل منذ اندلاع الحرب السورية وهي منع وجود أي قوات إيرانية أو تابعة لحزب الله جنوب غرب سوريا، خاصة في هضبة الجولان.
ويتضمن هذا المسار منع استخدام الأجواء والأراضي السورية لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية لحزب الله.
إسرائيل والأردن
وأكدت فلانسي -المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط ولديها أبحاث عسكرية حول حماس وحزب الله- ضرورة العمل على وجود اتفاق بين الدول المجاورة لسوريا في أي اتفاق يخص صورتها المستقبلية.
وتضيف أنه إذا كانت تركيا قد حفظت مصالحها الأمنية والإستراتيجية بشمال سوريا، فلابد لإسرائيل والأردن من أن تضمنا مصالحهما في جنوبها، وتفعيل صلاحيات قوات الأمم المتحدة للحفاظ على وقف إطلاق النار في هضبة الجولان.
وختمت الدراسة بالمطالبة بإعداد جهاز تنسيقي بين إسرائيل والأردن والولايات المتحدة لتصميم إستراتيجية مشتركة، سواء لتنسيق مواقفها إزاء المباحثات السياسية حول مستقبل سوريا، أو إدارة الجهود العسكرية في جنوبها.
وكل ذلك يتطلب من إسرائيل إعادة النظر في سياستها القاضية بعدم التدخل في الأزمة التي تشهدها سوريا، وإبداء حزم أكبر تجاه حفظ مصالحها الحيوية هناك.
المصدر: الصحافة الاسرائيلية