لم تكن الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي جرى دورها الثاني يوم 7 مايو/أيار 2017 انتخابات عادية، بل تميزت بصعود قوي لليمين المتطرف، وبإقصاء الأحزاب التقليدية عن الحكم، وظهور
تيار جديد صنف ضمن تيار الوسط فاز ممثله إيمانويل ماكرون برئاسة البلاد.
مرحلة فاصلة
الانتخابات الفرنسية اعتبرت مرحلة فاصلة في تاريخ فرنسا الحديث، حيث إنها لم تكتف بإزاحة الأحزاب التقليدية التي هيمنت على الساحة السياسية الفرنسية لعقود طويلة مثل الحزب الاشتراكي الفرنسي وحزب الجمهوريون اليميني، بل عرفت أيضا انتعاشة قوية لليمين المتطرف، وهو أمر له دلالاته في ظرفية سياسية دولية تشهد عودة الحياة في أوصال اليمين المتطرف في العالم كله، خاصة بعد فوز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة، وحصول حزب خيرت فيلدرز على الرتبة الثانية في الانتخابات الهولندية، ونجاح اليمينيين في خطط فصل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.
فقد حصدت مارين لوبان في الدور الثاني نحو 11 مليون صوت، وهو رقم لم يسبق أن حصل عليه اليمين المتطرف الفرنسي في تاريخه، ونجحت لوبان في استقطاب أصوات حوالي ثلاثة ملايين مواطن فرنسي لم يصوتوا لها في الدور الأول.
وبحسب الخبراء، فقد استفادت لوبان من حركة عزوف تاريخية بلغت نسبتها 25.38% (نحو 12 مليون صوت)، وهي نسبة لم تشهد فرنسا لها مثيلا في تاريخها.
وإلى جانب نسبة العزوف القياسية، تجاوز عدد الغاضبين الذين صوتوا ببطاقات بيضاء الثلاثة ملايين صوت، في وقت تم إلغاء حوالي مليون وسبعين ألف صوت.
وفي الدور الأول، بلغ عدد العازفين عن التصويت نحو عشرة ملايين وستمئة ألف شخص، وعدد المصوتين بأوراق بيضاء حوالي سبعمئة ألف شخص، في حين بلغ عدد البطائق الملغاة نحو 290 ألف بطاقة.
فوز “الوسط”
إيمانويل ماكرون فاز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بحصوله على 66.1% من أصوات الناخبين بعد فرز جميع أصوات.
وحصلت مرشحة حزب الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) مارين لوبان على 33.9% من الأصوات.
عدد المصوتين لصالح ماكرون بلغ 20 مليونا و703 آلاف و694 شخصا، مقابل 10 ملايين و637 ألفا و120 شخصا لصالح منافسته لوبان.
وكانت لوبان حصلت على 7 ملايين و678 ألفا و491 صوتا في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، مما يعني أنها تمكنت من اجتذاب نحو ثلاثة ملايين ناخب إضافي.
أرقام وزارة الداخلية الفرنسية أعلنت أن 25.38% من الناخبين المسجلين لم يدلوا بأصواتهم في الاقتراع، لذلك تكون انتخابات 7 مايو/أيار 2017 أقل انتخابات رئاسية من حيث نسبة المشاركة في البلاد منذ عام 1969.
ووصل عدد المسجلين على لوائح التصويت نحو 47 مليون فرنسي كان بإمكانهم الإدلاء بأصواتهم في اقتراع غابت عنه لأول مرة المعادلة التقليدية (أحزاب اليمين واليسار).
وينص القانون الفرنسي على أنه بعد ظهور النتائج النهائية، يعلن المجلس الدستوري الفرنسي النتيجة الرسمية للانتخابات يوم 10 مايو/أيار 2017، بحيث يتسلم ماكرون مهام منصبه من الرئيس المنتهية ولايته فرانسوا هولاند في 14 من الشهر ذاته.
مقارنة
الدور الأول من الانتخابات الفرنسية جرى يوم 23 أبريل/نيسان 2017 بمشاركة 11 مرشحا، وبلغت نسبة المشاركة فيه 78%، وفق ما أعلنته وزارة الداخلية الفرنسية.
تصدر مرشح حركة “إلى الأمام” ماكرون نتائج الدور الأول بحصوله على 23.75% من أصوات الناخبين الفرنسيين.
أما مارين لوبان فحصلت على 21.53%، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها اليمين المتطرف هذه النتيجة التي وصفت بالتاريخية، إذ حصلت على نحو سبعة ملايين صوت. وخلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 21 أبريل/نيسان 2002 حصلت الجبهة الوطنية على 16.09% من الأصوات، وارتفعت النتيجة في انتخابات 2012 إلى 17.9%، كما حققت الجبهة الوطنية نتيجة متقدمة في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2015.
مرشح اليمين التقليدي فرانسوا فيون مني بالدور الأول عام 2017 بهزيمة مذلة، حيث حل في المرتبة الثالثة بحصوله على 19.91% من الأصوات، أما مرشح حركة “فرنسا الأبية” جان لوك ميلانشون فحصل على 19.64% من أصوات الناخبين الفرنسيين.
من جهته لم يجمع الاشتراكي بونوا آمون إلا 6.35% من الأصوات في الدور الأول وهي نتيجة وصفت بالكارثية وبالعقاب القاسي للحزب الاشتراكي.
الجزيرة+مواقع اخبارية