منذ أن سيطرت قوات النظام السوري على مدينة حلب (شمال)، نهاية العام الماضي، تشهد المدينة فوضى أمنية عارمة، حيث استباح “الشبيحة” بيوتها ومحلاتها ومصانعها، فنهبوا
وفرضوا “اتاوات” (مبالغ مالية).
و”الشبيحة”، أو ما يسيمها نظام بشار الأسد بـ”اللجان الشعبية” و”قوات الدفاع الوطني”، هي مجموعات شكلها النظام مع بداية الثورة، عام 2011، وسلحها لقمع المظاهرات المناهضة له، ومع تحول الصراع إلى مسلح زادت أعداد هذه المجموعات ووصلت إلى عشرات الآلاف ينتشرون في مراكز المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة النظام.
ومع انتهاء العمليات العسكرية في حلب وإخلائها من المعارضة، نهاية عام 2016، تفرغ “الشبيحة” لأعمال نهب البيوت والاستيلاء عليها، فضلا عن سرقة المحلات التجارية، وفرض اتاوات (مبالغ مالية) على أصحاب المصانع، وفق مصادر في المدينة، طلبت عدم نشر أسمائها.
ضباط ورجال أعمال
وقالت المصادر إن مجموعات مسلحة تتبع لرجال أعمال وضباط في الاستخبارات نهبت، خلال الأشهر الماضية، مئات البيوت في حلب، وخاصة تلك الخالية في الأحياء الشرقية للمدينة، التي كانت لسنوات تحت سيطرة قوات المعارضة.
وأضافت أنه في حالات كثيرة تم نهب بيوت رغم وجود أصحابها، الذين لم يستطعوا فعل شيء تحت تهديد السلاح.
وأوضحت أن شرطة النظام في حلب عاجزة تماما عن وضع حد لتلك المجموعات، وقد استولت مجموعة تدعى “العناجرة” على بيوت عديدة في حي سيف الدولة، ولدى قيام أهالي الحي، الراغبين في العودة إلى بيوتهم، باستدعاء الشرطة، قام الشبيحة وزوجاتهم بإشهار السلاح؛ ما دفه عناصر الشرطة إلى الهرب.
وأضافت المصادر أن مجموعة أخرى تدعى “الفهر” فرضت “اتاوات” على أصحاب المصانع في المدينة الصناعية (الشيخ نجار)، إضافة إلى نصب عناصرها حواجز على مداخل المدينة، وإجبار أصحاب البضائع على دفع مبالغ مالية للسماح بمرور بضائعهم.
وأوضحت أن هذه المجموعة تجبر أصحاب معامل البلاستيك على بيع إنتاجهم إليهم بسعر محدد، ثم يبيعونه هم بأسعار مضاعفة، وقد توجه أصحاب الشركات والمصانع بشكاوى إلى الجهات المختصة، لكن دون جدوى.
وأفادت بأن العديد من محلات الذهب وسط حلب تعرضت للسرقة من قبل عصابات للشبيحة بعد تعرض أصحابها للقتل أو الضرب، حيث قتل قبل أسابيع أحد أصحاب المحلات التجارية في حلب الجديدة أثناء إغلاق محله، وتمت سرقة 40 كيلو غرام ذهب منه.
ولفتت المصادر إلى أن حي الزهراء غربي المدينة هو احد أكثر الأحياء التي تعرضت للنهب، وهو ما يطلق عليه بالمصطلح المحلي “التعفيش”، مؤكدين أن جميع البيوت في الحي تم تفريغها بشكل كامل.
التجنيد الإجباري
وفي مدينة حلب يضطر الكثير من الشباب الذكور إلى التزام بيوتهم وعدم الخروج من أحيائهم؛ لخوفهم من إجبارهم على التجنيد الإجباري، رغم حصول بعضهم على تأجيل رسمي أو حتى إنهائهم مدة الخدمة الإلزامية.
وقال أحمد، وهو طالب، إنه وكثير من أصدقائه اضطروا إلى الانتساب لمجموعات الشبيحة وحمل السلاح، ليحصلوا على “بطاقة أمنية” (من السلطات) تحول دون اعتقالهم وسوقهم إلى الخدمة العسكرية، رغم امتلاكهم لتأجيل رسمي نظامي.
وأوضح الطالب السوري، أن “شوارع حلب تكاد تكون خالية من الشباب الذكور، في ظل انتشار العديد من الحواجز، حيث لا يأمن أي شاب أن يتم جلبه إلى الخدمة العسكرية”.
ولا تزال الأحياء الشرقية من مدينة حلب، التي تم إخلائها، نهاية العام الماضي، تعاني من انقطاع الماء والكهرباء بشكل كامل، دون حدوث أي تحسن في الخدمات خلال الأشهر الماضية.
وتضررت شبكة الماء والكهرباء بشكل كبير في أحياء حلب الشرقية؛ جراء قصف النظام المتواصل لتلك الأحياء طيلة أربع سنوات.
وكالات