رغم التوقعات بأن الانتخابات البرلمانية المقررة الخميس المقبل 4 مايو/أيار ستشهد عزوفا شعبيا، فإن جزءا من المعارضة التي أعلنت عدم المشاركة فيها تعمل على إسماع
صوتها وتنشيط حملة موازية لإقناع المواطنين بعدم التصويت.
وتتشكل هذه المجموعة من نشطاء سياسيين وأحزاب معارضة مثل حزب “جيل جديد” وبدرجة أقل حزب “طلائع الحريات” الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس.
وفي محاولة من الحكومة استباق تحركات دعاة مقاطعة الانتخابات البرلمانية، أصدر وزير الاتصال حميد قرين عشية انطلاق الحملة الانتخابية يوم 9 أبريل/نيسان تعليمات تأمر وسائل الإعلام العامة والخاصة على حد سواء بمنع هؤلاء من الظهور إعلاميا.
غير أن ذلك لم يمنع نشطاء خيار المقاطعة من النزول إلى الشارع، في محاولة للاحتكاك بالمواطنين وإقناعهم بعدم جدوى التصويت في ظل الظروف الحالية.
حق دستوري
يقول الناشط السياسي سمير بلعربي إن حملة المقاطعة الفعالة للانتخابات البرلمانية بدأت رسميا أول نيسان/أبريل بالنزول إلى شوارع العاصمة من أجل شرح دوافع المقاطعة للمواطنين.
ويؤكد بلعربي أن الحملة ستتواصل حتى يوم الاقتراع في الرابع من مايو/أيار “رغم حملة التخوين والتخويف التي تمارسها الحكومة ضدنا وغلق وسائل الإعلام في وجوهنا” مضيفا أن “هذا القرار زاد من قناعتنا لمواصلة النضال السلمي الميداني”.
وأشار إلى أن الجولات الميدانية لقيت قبولا واسعا لدى المواطنين، وهو ما جعله يعتقد أن العزوف الشعبي سيكون كبيرا وواضحا جدا “والدليل -وفقه- هو البرودة والصعوبة التي يواجهها المشاركون بالانتخابات في إقناع المواطنين بالتصويت”.
ويؤكد إسماعيل سعيداني نائب رئيس حزب “جيل جديد” المقاطع أن فقدان المواطن الثقة في السلطة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية جراء الإجراءات التقشفية من أهم الأسباب التي تدفع المواطنين إلى عدم المشاركة.
وقال سعيداني إن الحكومة رفضت تشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات والإشراف عليها، وشكلت هيئة إدارية تحت وصاية وزارة الداخلية ويعين أعضاؤها رئيس الجمهورية، وهو من أهم الأسباب التي دفعت حزبهم إلى قرار المقاطعة.
المقاطعة والسلطة
وبرأيه، فإن الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية فعل سياسي وحق دستوري “لذلك قمنا بجولات إلى مختلف المناطق، واقتربنا من المواطنين الذي لمسنا فيهم رفضا تلقائيا لخيار المشاركة” متوقعا أن “العزوف سيكون هو سيد الموقف”.
وفي هذا السياق، يقول محمد بوضياف أستاذ العلوم السياسية بجامعة المسيلة (جنوب البلاد) إن من يدعون إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية هم أولئك الذين تضرروا من إعادة هيكلة النظام التي جرت وتجري منذ قدوم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم، مؤكدا أن المقاطعة ستعطل الانتقال إلى وضعيات أخرى ومستويات قد تصب في صالح المواطن والبلد.
ووفق رأيه، فإن من يقود حملة المقاطعة هم حزب “طلائع الحريات” بقيادة بن فليس وبعض من تبقى من هيئة التشاور والمتابعة بمن فيهم ممثلو حركة “بَرَكات” (كفاية).
ويعتقد بوضياف أن مقاطعة الانتخابات تصب مباشرة في صالح الأطراف الحاكمة، وهو ما غاب عن ذهن من يحرض المواطن العازف أصلا عن المشاركة.
وأضاف أن القصد من الدعوة للمقاطعة “هو ركوب موجة العزوف التي يبديها المجتمع” كما أنها تعد تكتيكا للهروب من مواجهة تحديات الصندوق وكشفه لضحالة التمثيل التي يدعيها هؤلاء المقاطعون.
لا تأثير
كما يعتقد بوضياف أن الجزائر -مقارنة بدول عربية وإسلامية- قطعت شوطا معتبرا في تحقيق معايير وإجراءات الديمقراطية “رغم أن الثقافة السياسية في البلاد ما زالت بعيدة عن تشجيع المواطن على المشاركة، حيث يشوب العملية بعض النقائص التي تزهد هذا المواطن في المساهمة في بناء العملية السياسية”.
من جهته، يستبعد الكاتب الصحفي عثمان لحياني أن يكون هناك تأثير من المقاطعين على الناخبين، سواء الذين قرروا التصويت أو الذين يتجاهلون الاستحقاق الانتخابي.
ويؤكد لحياني أن المقاطعين للتصويت هم في العادة من الكتلة غير المتصلة بالعملية السياسية ولا علاقة لموقفهم بالمواقف السياسية للأحزاب المشاركة أو المقاطعة، مستدلا بالانتخابات البرلمانية لعام 2012 حيث امتنع 57% من الناخبين عن التصويت “رغم أن لا أحد دعا يومها إلى المقاطعة”.
الجزيرة