قد يستغرق الحصول على معلومة من داخل مدينة الطبقة -أبرز معاقل تنظيم الدولة الإسلامية بريف الرقة الغربي- ثلاثة أيام، وهي مدة كافية لتغير كل المعطيات على الأرض”..
هكذا بدأ مهاب ناصر حديثه، وهو أحد سكان المدينة قبل خروجه منها.
يقول ناصر “منذ بدء المعارك في محيط مدينة الطبقة قبل أشهر بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي، قطعت كل وسائل الاتصال داخل المدينة”.
ويضيف أن “الطبقة باتت معزولة عن العالم الخارجي سوى ما يبثه التنظيم من صور لآثار القصف، لكنني أريد الاطمئنان على أقاربي هناك، ومثلي الآلاف من أبناء المدينة”.
لم يكن ناصر يعلم في بداية الأمر أن الهواتف الأرضية داخل المدينة ما تزال تعمل، قبل أن يخبره أحد أقربائه في المنصورة -القريبة من الطبقة، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة أيضا- بأنه تكلم عبر الهاتف الأرضي مع أحد أقربائه داخل المدينة وطمأنه بأنه بخير هو وعائلته.
وهنا خطرت له فكرة كما يقول الشاب السوري، وهي البحث عن أشخاص يمكن التواصل معهم في الرقة والمنصورة وإعطاؤهم أرقام هواتف أرضية لأشخاص داخل الطبقة.
عملية صعبة
غير أن الطريق لا يبدو ممهدا للنجاح في هذا المسعى، إذ ليس معلوما من خرج ومن بقي داخل الطبقة ولا طبيعة ظروفهم، ولذلك لجأ إلى إعطاء عشرة أرقام لأشخاص في المدينة “فلربما يحالفنا الحظ ويرد الشخص المقصود، فضلا عن أن الأشخاص في الرقة والمنصورة ليسوا متاحين دائما، وقد تستغرق العملية هذه من يومين إلى ثلاثة لكي يتمكنوا من التكلم مع الطبقة ومن ثم موافاتنا بأخبارهم”، كما يقول ناصر.
وفي مسعى لتحقيق فائدة أكبر من طريقة التواصل هذه، عمد الشاب السوري ورفاقه إلى نشر الأخبار التي يحصلون عليها على صفحة خاصة لمدينة الطبقة على الفيسبوك وطمأنة الجميع، ونقل الصورة الحقيقية ما أمكن عن الأوضاع داخل المدينة. في المقابل بدأت تردهم أخبار من أبناء الطبقة المقيمين خارجها عن أوضاع ذويهم، وقد مكنهم ذلك من إعداد تقارير إنسانية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول مهاب ناصر “باتت لدينا صورة ليست كاملة تماما عن أوضاع المدنيين المحاصرين داخل المدينة، جمعناها عبر تقاطع المعلومات التي تردنا من هناك، تتلخص في انقطاع المياه والكهرباء منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، مع أن المدينة على ضفة بحيرة سد الفرات ووجود السد أيضا، لكن القصف أصاب شبكة المياه والكهرباء بضرر كبير”.
ندرة في الغذاء
كما يواجه السكان ندرة في الخبز ومواد غذائية أخرى، ويقدر عدد المتبقين منهم حاليا داخل المدينة بنحو ثلاثين ألفا، ونزح مثلهم تقريبا قبل حصار المدينة، وهم الآن في مخيمات عشوائية وسط ظروف غاية في الصعوبة.
وتشير المعلومات التي تحصل عليها ناصر أن الحيين داخل المدينة القريبيْن من سد الفرات، باتا شبه خاوييْن نتيجة تركز القصف عليهما من قبل قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي. كما لا توجد معلومات دقيقة عن الوضع الطبي داخل المدينة، لكن بعض الكوادر الطبية نزحت جراء القصف العنيف.
والمدينة حاليا محاصرة بالكامل من جهاتها الأربع، وقوات سوريا الديمقراطية باتت على أطرافها، وفي وقت سابق قتل العشرات من المدنيين جراء غارة للتحالف الدولي استهدفت فرن الحي الثاني. ويقول ناصر ورفاقه إنهم يحاولون العمل على توثيق جميع الحالات هناك رغم كل الصعوبات.
وكالات