تبدي الإدارة الأميركية اندفاعاً واضحاً لإيجاد حل للأزمة السورية، وأكدت مصادر للمعارضة السورية في واشنطن أن هذه الاندفاعة بدأت قبل مجزرة خان شيخون ، وتقوم
على أسس وضعها مساعدو الرئيس الأميركي دونالد ترمب ، وكانوا وصلوا إلى قناعة بضرورة خروج بشار الأسد من السلطة في نهاية المطاف. وجاء قصف خان شيخون ليثبّت في قناعة الرئيس الأميركي أن لا سلام في سوريا مع بشار الأسد.
ووصف مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، موقف الإدارة الأميركية منذ خان شيخون بالمتطور، مؤكداً أن الإدارة ستتابع العمل مع الوقت، وهدفها العمل على انتقال سياسي في سوريا.
دحر الإرهاب أولاً
تجمع مصادر المعارضة ومصادر الإدارة الأميركية على إعطاء الانطباع أن إدارة ترمب وضعت خطة شاملة للوصول إلى حل في سوريا، وتريد بشكل خاص أن تصل إلى تعاون لصيق مع روسيا للوصول إلى حل شامل.
ويقوم الجزء الأول من الخطة الأميركية على دحر تنظيم داعش و التنظيمات الإرهابية ، وتثبيت مناطق هدوء تسيطر عليها المعارضة وتكون آمنة من هجمات النظام وتستطيع استيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين الذين تركوا ديارهم خلال المواجهة مع النظام، أو خلال سيطرة “داعش” على مناطق واسعة من سوريا.
ولدى الحديث مع “العربية.نت”، أشار مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إلى مثال مدينة منبج حيث يقوم مجلس محلّي بإدارة أمور المدينة، واعتبره مثالاً، لكنه لم يؤكد أن الأميركيين سيطبقون هذا المثال بالذات على كل المناطق، نظراً لخصوصية المناطق السورية، وشدد على أن الأميركيين سيعملون على المساعدة لتأمين الحاجات الحياتية الضرورية.
ويهدف الأميركيون من ذلك لتخفيف المعاناة الهائلة التي يعيشها اللاجئون، وأيضاً تخفيف الضغط عن الدول المحيطة بسوريا مثل لبنان والأردن وتركيا.
مناطق التهدئة
تبدو منطقة الرقة بعد تحريرها من “داعش” المرشحة الثانية بعد منبج لاستيعاب أهلها وإنشاء منطقة للمعارضة السورية تكون خالية من تنظيمات إرهابية أخرى مثل النصرة، كما يجري الحديث عن إقامة منطقة مماثلة في جنوب سوريا، خصوصاً أن الاستخبارات الأردنية تسيطر بشكل كبير على الفصائل المعارضة في منطقة درعا و الجولان.
كما أن المنطقة التي تسيطر عليها الفصائل الموالية لتركيا وتنتشر في منطقة الحدود السورية التركية بين عين العرب واعزاز نزولاً إلى مدينة الباب تبدو أيضاً منطقة مهيأة لهذه المهمة، لكن منطقة إدلب تشكل تحديا كبيرا، خصوصاً أن هناك أعداداً كبيرة من التنظيمات المتطرفة فيها، ولا تفاهم بعد على كيفية تصفية هذه الفصائل وجعل المنطقة آمنة من النظام وتعيش تحت سيطرة معارضة معتدلة.
دعم وتنظيم المعارضة
من الخيارات المفتوحة تعزيز دعم وزارة الدفاع الأميركية ووكالة الاستخبارات الأميركية لبعض الفصائل في هذه المنطقة كما كان مخططاً لها أيام الرئيس السابق باراك أوباما، لكن المشروع فشل في حينه ووقعت كميات كبيرة من الأسلحة بيد النصرة في أول محاولة لإرسال قوات دربتها القوات الأميركية بالتعاون مع تركيا إلى داخل الأراضي السورية.
كذلك يقوم الجزء الثاني على المساعدة السياسية وربما توحيد المعارضة تحت لواء واحد أو شخصية واحدة، وهذا ما افتقدته المعارضة السورية منذ انطلاقتها.
ولم تحسم الإدارة موقفها من هذه الشخصية أو المجلس الذي يمكن أن يرعى المعارضة السورية، مع أن رئيس لجنة المفاوضات رئيس الحكومة السورية السابق رياض حجاب ، كان في العاصمة الأميركية والتقى مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع، إضافة إلى أعضاء فيالكونغرس الأميركي ، وقد أبدى الكثير من الرسميين الأميركيين حماسهم للتوصل إلى حلول، وسمع حجاب الكثير من النوايا الحسنة لدعم المعارضة السورية.
التفاهم مع موسكو
تجدر الإشارة إلى أن الإدارة الأميركية بعد هجوم خان شيخون في وضع أكثر صعوبة للتفاهم مع موسكو على كل التفاصيل، لكن واشنطن توصلت إلى تفاهم غير مكتوب مع موسكو على منع بشار الأسد من استعمال الأسلحة_الكيمياوية مرة أخرى.
كذلك تريد واشنطن تنسيق ما يحدث في الأشهر المقبلة مع روسيا، وترى أن روسيا شريك ضروري يستطيع السيطرة على تصرفات النظام و الميليشيات الإيرانية والعناصر الموالية لها، كما أن إدارة ترمب لا ترى أن سقوط النظام السوري أمر ضروري، بل ترى أن منطقة سيطرة النظام ضرورية من وجهة النظر العملية لضرب طوق كامل على “داعش” والتنظيمات الإرهابية، لكن واشنطن لا تريد من النظام أن يستغل دوره هذا في قهر السوريين المدنيين والأبرياء.
عودة إلى جنيف
كما أن إدارة ترمب ترى أكثر من أي وقت مضى أن ضرورة النظام لا تعني أن الأسد سيبقى على رأس هذا النظام، بل إنها تريد مواجهته وإزاحته في نهاية المطاف من رئاسة النظام عن طريق اتهامه بـ جرائم حرب لما حدث مع رئيس صربيا سلوبودان ميلوزوفيتش.
وتبدي الإدارة الأميركية رغبة في العودة إلى مسار جنيف بالتعاون مع موسكو، لكن توقيت العودة سيكون مرتبطاً بحضور معارضة قوية، تستطيع الجلوس إلى الطاولة وتتفاوض مع نظام الأسد من باب القوة، وربما لن يحدث هذا قبل سيطرة المعارضة على الرقة وظهور قوة سياسية معارضة تسيطر على أكثر من منطقة في سوريا.