بينما كانت مصر تواصل تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، يشرف عليه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع الحكومة ومؤسسات الدولة، طالت هجمات إرهابية دامية كنيستين أمس الأحد،
ومساعي البلاد من الإصلاحات الاقتصادية.
وأمس الأحد، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حالة الطوارئ في مصر لمدة ثلاثة أشهر بعد اتخاذ الإجراءات القانونية والدستورية اللازمة.
وتزامن ذلك مع عودة تدريجية للسياحة وتدفق النقد الأجنبي في القنوات الرسمية، وفي الوقت الذي تتحضر فيه مصر لاستلام الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 1.25 مليار دولار.
إعلان حالة الطوارىء، جاء عقب اجتماع لمجلس الدفاع الوطني بحث فيه الوضع في أعقاب تفجيرين في كنيستين بمدينتي الإسكندرية وطنطا (شمال) أسفرا عن مقتل 44 وإصابة 126 آخرين، حسب وزارة الصحة المصرية.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسؤوليته عن التفجيرين الانتحاريين.
وينظر الخبير الاقتصادي المصري رشاد عبده، إلى فرض حالة الطوارئ “كخطوة تظهر هيبة وكرامة الدولة ويدها القوية، وتحقق مزيداً من القوة بفرض سيادة القانون”.
واستبعد “عبده”، “تأثير فرض حالة الطوارئ سلباً على الاستثمار في مصر.. الاستثمار يريد التعامل مع حكومة قوية”.
ويعتبر الاستثمار وبالتحديد أسواق المال والسياحة، من أول القطاعات التي تتأثر سلباً بأية توترات أمنية أو سياسية واقتصادية.
وأمس الأحد، هبطت بورصة مصر خلال تداولاتها دون حاجز 13 ألف نقطة مدفوعة بمبيعات مكثفة بعد التفجير الذي استهدف الكنيستين.
وانخفض مؤشر مصر الرئيس “إيجي أكس 30″، الذي يقيس أداء أنشط ثلاثين شركة، بنسبة 1.55% إلى 12895.07 نقطة في التعاملات المتأخرة قبل ساعة ونصف من نهاية الجلسة.
وتقول الحكومة المصرية، إنها تعمل على تهيئة المناخ الجاذب للاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء، وأنها تضع حل مشاكل المستثمرين وإزالة المعوقات التي تقف في طريقهم في رأس الأولويات.
وتسعى الحكومة المصرية، من خلال برنامجها الذي عرضته أمام مجلس النواب قبل نحو عام، إلى زيادة معدل الاستثمار إلى 19% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2017/2018، مقابل 14.4% في العام المالي 2014/2015.
وقال عبده إن حركة السياحة الوافدة لمصر “يمكن أن تتأثر على المدى القصير بسبب فرض حالة الطوارئ، “السائح لن يسافر إلى بلد بها تشهد حالة طواريء الذي هو نتيجة لظرف أمني أو سياسي”.
وحول تأثير فرض حالة الطوارئ على سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، توقع الخبير الاقتصادي المصري، ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه خلال الأيام المقبلة.
وتحاول الحكومة المصرية عبر تعزيز احتياطي النقد الأجنبي وإصدار السندات، وتحفيز الصادرات، تقوية عملتها المحلية أمام النقد الأجنبي، خاصة في أعقاب تعويم الجنيه في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي.
وتباطأ معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 3.8% خلال الربع الثاني (أكتوبر/ تشرين أول- ديسمبر/ كانون أول 2016) من العام المالي الجاري، مقابل 4% في الفترة المقابلة من العام المالي 2015/2016.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي وفقاً لقانون الموازنة المصرية.
وفي نهاية يناير/ كانون ثاني 2016، خفضت مصر توقعاتها لمعدل النمو الاقتصادي إلى 4% خلال العام المالي الجاري 2016/2017.
من منظور آخر، رأى تامر نبيل، عضو جمعية مستثمري البحر الأحمر (شرق)، أن الأزمة ليست في إعلان حالة الطوارئ في البلاد في حد ذاته.. خاصة ان حالة الطوارئ كانت مفروضة طوال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981 – 2011) والسياحة كانت في افضل حالاتها، “إنما الأزمة الحقيقة في التفجيرات التي وقعت في مدينتين مصريتين مختلفتين في نفس اليوم”.
وأضاف “نبيل”، أن التفجيرين “سيؤثران سلباً على الحجوزات السياحية المستقبلية خلال الأيام المقبلة”.
وأبدى قلقه من امكانية تسبب التفجيرين في إلغاء زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس لمصر، المقررة نهاية الشهر الجاري، التي يعتبرها “بالفارقة على الحركة السياحية الوافدة إلى البلاد من مختلف الدول الأوروبية”.
وأعلنت الرئاسة المصرية، في 3 أبريل/نيسان الجاري، أن بابا الفاتيكان، فرنسيس، سيقوم بزيارة إلى القاهرة يومي 28 و 29 من الشهر الحالي، وهي الأولى له.
وتعتمد مصر بشكل أساسي على إيرادات السياحة لتوفير النقد الأجنبي، إلا أن سلسلة انتكاسات أبرزها سقوط طائرة روسية بالقرب من جزيرة سيناء، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، راح ضحيته 224 شخصاً، دفع باتجاه مصاعب أخرى لصناعة السياحة المصرية.
وكان محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر قد أعلن في وقت سابق من العام الجاري أن إيرادات بلاده من النقد الأجنبي في قطاع السياحة انخفضت إلى 3.4 مليار دولار في عام 2016 وهو ما يقل 44.3 % مقارنة عن مستواها في 2015.
وتترقب مصر، التي ستطبق حالة الطوارئ في الربع الأخير من العام المالي الجاري 2016/2017،، وصول بعثة صندوق النقد الدولي نهاية الشهر الجاري، للإطلاع على مجرى الإصلاحات الاقتصادية، وفقا لنائب وزير المالية المصري أحمد كوجك.
وكالات