لم يدر بخلد الشاب اليمني الثلاثيني ناصر خالد أن الحقيبة التي كان يحملها ضمن أمتعته ستجلب له الكثير من المتاعب، فبعد أن اكتشفت سلطات الأمن في مطار عدن الدولي كميات
كبيرة من الأدوية المهربة بداخلها، نفى علاقته بها.
وكان خالد عائدا إلى اليمن من مصر، عند احتجازه الأربعاء الماضي في مطار عدن لساعات والتحقيق معه قبل إخلاء سبيله ومصادرة كمية الأدوية المهربة التي ضبطت بحوزته.
وقال أثناء التحقيق إن شخصا تعرف عليه أثناء إقامته في مصر التي قصدها قبل نحو شهرين للعلاج، وطلب منه إيصال الحقيبة إلى أحد أقاربه في اليمن، دون علمه المسبق أنها تحوي أدوية مهربة.
وتمكنت سلطات مطار عدن من إحباط العديد من عمليات التهريب، حيث اجتاحت ظاهرة الأدوية المهربة والفاسدة خلال الآونة الأخيرة الأسواق اليمنية بشكل غير مسبوق، ما يشكل هاجسا مخيفا على هامش الحرب التي تهدد حياة اليمنيين، وخاصة في ظل قصور القوانين والتشريعات التي تكتفي بتجريم الظاهرة دون أن تضع عقوبات رادعة.
ومع غياب الإحصاءات الدقيقة بشأن حجم تجارة الأدوية المهربة، تشير تقارير لمنظمات طبية غير حكومية إلى ارتفاع حجم الدواء المهرب إلى أكثر من 60% من حجم سوق الدواء باليمن، وذلك منذ انقلاب الحوثي على السلطة الشرعية مطلع 2015.
وقال مدير مطار عدن الدولي طارق عبده علي إن سلطات الأمن شددت إجراءاتها لمنع تهريب القات والأدوية من اليمن وإليها، وأحبطت أكثر من عشرين عملية تهريب مشحونة ضمن حقائب المهربين خلال الشهرين الماضيين.
وأكد للجزيرة نت أن من بين عمليات التهريب حقائب تحتوي على أغلفة أدوية فارغة، يجري استخدامها وتعبئتها من قبل المهربين فيما بعد بأدوية مزورة تمهيدا لطرحها في الأسواق، وقد تكون منتهية الصلاحية مما يشكل خطرا على حياة المواطنين.
عقوبة الإعدام
وقال مدير فرع الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بعدن عبد القادر الباكري إنه جرى ضبط كميات كبيرة لنحو 74 صنفا من الأدوية المزورة منتصف الشهر الماضي داخل مستودعات بالمدينة تقدر قيمتها بنحو 31 مليون ريال (حوالي 88 ألف دولار)، حيث أتلفت بعد أن بينت نتائج الفحص أنها مجهولة المنشأ وغير مأمونة.
وأرجع أسباب تنامي ظاهرة التهريب إلى عدم وجود قوانين رادعة للمهربين، وعوامل أخرى تتعلق بظروف الحرب والتحويلات وارتفاع سعر العملة الصعبة، وأضاف أن هناك قانونا شاملا للأدوية مقدما إلى مجلس النواب، يتضمن رفع عقوبة تزوير الأدوية إلى عقوبة الإعدام، على اعتبار أنها تؤدي إلى قتل الناس، لكن البت في القانون تأجل أكثر من مرة.
سموم قاتلة
وبدوره، أكد رئيس مؤسسة كايزن الطبية الإنسانية بصنعاء مهيوب الشبيبي أن شركات الأدوية تعد أحد الأسباب التي أدت إلى ازدهار التهريب والتنامي السريع لهذه الظاهرة، لعدم توفر بعض الأصناف وارتفاع أسعارها “بشكل جنوني”.
وقال في حديث للجزيرة نت إن هذا الأمر خلق في السوق اليمنية شحا في العديد من الأدوية، أبرزها أدوية أمراض القلب والسكري وسرطانات الدم والفشل الكلوي، وجعل تهريب الأدوية تجارة رابحة للمهربين.
وأضاف أن الأدوية المهربة والمزورة سموم قاتلة، وأنهم يستعدون لإطلاق مركز كايزن نهاية الشهر الجاري المتخصص في التوعية بأضرار هذه الأدوية، ليكون أول مركز متخصص على مستوى الشرق الأوسط يهتم بهذه الظاهرة القاتلة.
الجزيرة