في غرفته الآمنة بمنتجع مار-أي-لاغو بفلوريدا، عرض كبار المستشارين العسكريين للرئيس الأميركي عدة خيارات على دونالد ترمب للرد على هجوم نفذه نظام الرئيس السوري بشار
الأسد على مدينة خان شيخون بإدلب (شمال سوريا) مما أدى إلى مقتل وجرح مئات المدنيين، بينهم أطفال.
نُحيت جانبا القمة الأميركية-الصينية، حيث كان يجتمع الزعيمان ترمب وشي جين بينغ، وتفرّغ الرئيس الأميركي للإفادة “بالغة السرية” التي عرضها عليه مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس.
وبحسب تصريحات مسؤول أميركي، فقد عرض المسؤولان على ترمب ثلاثة خيارات سرعان ما تقلصت إلى اثنين: قصف قواعد جوية عديدة، أو الاكتفاء فقط بقصف قاعدة الشعيرات، القريبة من مدينة حمص (وسط سوريا)، حيث انطلقت الطائرة العسكرية التي نفذت الهجوم بالغاز السام.
تقليل الخسائر
وأضاف المسؤول أن ترمب اختار بعد السماع إلى نقاش أن من الأفضل التقليل لأدنى حد الخسائر البشرية الروسية والعربية، وأمر بإطلاق سلسلة من صواريخ كروز على قاعدة الشعيرات العسكرية.
وأشار إلى أن ماتيس وماكماستر قالا إن اختيار ذلك الهدف سيوجد أوضح رابط بين استخدام الأسد غاز الأعصاب والضربة الانتقامية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أماكن إقامة المستشارين الروس والطيارين السوريين وبعض العمال المدنيين توجد في محيط القاعدة، وهو ما يعني أنه يمكن تدميرها دون المجازفة بسقوط مئات الضحايا، خاصة إذا وقع الهجوم في غير ساعات العمل الطبيعية للقاعدة.
وبحسب مسؤول مطلع على المناقشات، فإن الإدارة لديها خطط طوارئ لضربات إضافية محتملة مع حلول، اعتمادا على كيفية رد الأسد على الهجوم الأول.
وأضاف هذا المسؤول أن “الرئيس من يحدد إذا كانت الضربات الجوية انتهت، ولدينا خيارات إضافية جاهزة للتنفيذ”.
وتوضح تصريحات ثلاثة مسؤولين شاركوا في المناقشات أن ترمب اعتمد في مواجهة أول أزمة له في مجال السياسة الخارجية إلى حد بعيد على ضباط عسكريين متمرسين: ماتيس الجنرال السابق بمشاة البحرية الأميركية، وماكماستر الفريق بالجيش الأميركي؛ وليس على المسؤولين السياسيين الذين هيمنوا على قراراته السياسية في الأسابيع الأولى لرئاسته.
وقال كبار مسؤولي الإدارة إنهم التقوا ترمب مساء الثلاثاء وقدموا خيارات منها عقوبات وضغوط دبلوماسية وخطط لمجموعة متنوعة من الضربات العسكرية على سوريا، وجميعها كانت معدة قبل أن يتولى السلطة.
ومن ضمن أكثر الخيارات قوة ما يسمى ضربة “قطع الرأس”، أي توجيه ضربة على قصر الأسد الرئاسي الذي يقبع منفردا على قمة تل إلى الغرب من وسط دمشق.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن ترمب كانت لديه الكثير من الأسئلة التي أراد أن يفكر فيها، كما اختار تنقية الخيارات.
وفي صباح الأربعاء، قال مسؤولو المخابرات ومستشارو ترمب العسكريون إنهم تأكدوا من أن القاعدة الجوية السورية استخدمت لشن الهجوم الكيميائي، وإنهم رصدوا طائرة سوخوي-22 المقاتلة التي نفذته وأبلغهم ترمب بالتركيز على الطائرات العسكرية.
تهديد وتنفيذ
وظهر ترمب في حديقة الورود بالبيت الأبيض، وقال إن الهجوم “الذي يتعذر وصفه” والذي استهدف “حتى الأطفال الرضع” غيّر موقفه من الأسد.
وعندما سئل عما إذا كان بصدد صياغة سياسة جديدة بشأن سوريا، رد ترامب بالقول “سترون”.
وفي نحو الساعة 3:45 من عصر الثلاثاء بالتوقيت المحلي دعا رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد إلى اجتماع طارئ لقادة أفرع القوات المسلحة في البنتاغون لوضع اللمسات الأخيرة على خطة الضربات العسكرية.
وقال البيت الأبيض إن ترمب وقع بعد قليل من الرابعة مساء على أمر بشن الهجمات الصاروخية.
وفجر الجمعة أطلقت السفينتان الحربيتان بورتر وروس 59 صاروخ كروز من شرق البحر المتوسط على القاعدة الجوية المستهدفة، وبدأت السقوط نحو الساعة 8:40 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (00:40 بتوقيت غرينتش) قبل أن يكمل الرئيسان عشاءهما.
وكالات