قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم إن التلوث بغاز سام في بلدة خان شيخون السورية أمس كان نتيجة تسرب غاز من مستودع للأسلحة الكيميائية تملكه المعارضة بعد أن أصابته ضربات
جوية نفذتها قوات النظام السوري.
يأتي ذلك بينما ارتفع إلى أكثر من مئة قتيل مدني وأكثر من أربعمئة جريح عدد ضحايا المجزرة التي وقعت بريف إدلب صباح أمس، وسط تحذيرات من كارثة في تلك المدينة المنكوبة بشمالي سوريا التي تشهد نزوحا جماعيا بعد المجزرة.
وقتل نحو ثلاثين طفلا وامرأة على الفور، بينما فارق آخرون الحياة قبل وصولهم إلى المستشفى.
وأشار إلى أن من بين القتلى عائلة بكامل أفرادها قضت اختناقا بالغازات السامة التي ألقتها طائرات النظام السوري، كما تسبب القصف في حركة نزوح جماعية للأهالي من المدينة التي تسيطر عليها المعارضة شمال غرب سوريا.
هذا وسقط عدد من سكان الحي قتلى وجرحى فنقلوا إلى المشافي القريبة، ولكن طائرات النظام عاودت ودمرت مشفى الرحمة الذي كان يقدم الإسعافات الأولية.
وفي أحد مستشفيات خان شيخون، ارتمى المصابون وبينهم أطفال على الأسرة وهم يتنفسون بواسطة أجهزة أوكسجين. وبدا طفل وهو يصرخ من الألم أثناء تلقيه العلاج من قبل أعضاء الفريق الطبي، وفي غرفة مجاورة تجمع عدد من الأطفال وقد ملأ التراب ثيابهم ووجوههم.
وشوهد مسعفون يحاولون إنقاذ طفلة من دون جدوى، قبل أن يغلق أحدهم عينيها، ليحملها والدها ويقبل جبينها ويخرج بها من المستشفى لدفنها.
وروى أبو مصطفى (أحد سكان المدينة) أثناء وجوده في المستشفى أنه توجه إلى منزل صديقه للاطمئنان عليه، فوجد أنه قتل مع أولاده الثلاثة وزوجته.
وشوهد مصابون يتلقون العلاج بأحد المستشفيات الميدانية، وقد جلس أحدهم مضمدا رأسه بينما ملأت الدماء وجهه ولحيته وثيابه. وقال أحد أفراد الطاقم الطبي إن عوارض المصابين تضمنت “حدقات دبوسية واختلاجات وخروج اللعاب من الفم وارتفاعا في النبض”.
وتداول نشطاء سوريون صورا على وسائل التواصل توضح من قالوا إنه ضحية يخرج من فمه رغوة، ومشاهد لرجال إنقاذ يرشون أطفالا شبه عرايا بالمياه وهم يتلوون على الأرض، كما شوهدت صور لجثث أطفال من عائلة واحدة.
وبات متوقعا ارتفاع أعداد ضحايا المجزرة حيث يواصل متطوعون في الدفاع المدني وسكان محليون البحث عن ناجين تحت أنقاض المباني، خصوصا التي دمرت بشكل كامل ولم يبق منها سوى حجارة وألواح حديدية وأثاث ممزق.
وبينما تجرى عمليات البحث شوهد أحد الأشخاص فوق الأنقاض وقد طأطأ رأسه حزنا. وحمل آخرون جثة أحد القتلى على حمالة بعدما لفوها بملاية ترابية اللون.
وقد ناشد مدير الصحة في إدلب منذر خليل المجتمع الدولي الالتفات إلى الوضع الصحي والطبي الكارثي في المنطقة، ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد المدنيين.
ورجح خليل أن يكون الغاز المستخدم في قصف المدينة مزيجا من غازيْ الكلور والسارين، مؤكدا أن المستشفيات لا تملك المعدات الكافية لاستقبال كل هذا العدد من المصابين دفعة واحدة.
من جهته، حذر الدفاع المدني من كارثة إنسانية مؤكدا أن الطيران يستهدف مراكز الدفاع والنقاط الطبية في خان شيخون.
وقال وزير الصحة بالحكومة السورية المؤقتة إن المستشفيات لم تتمكن من إسعاف المصابين بالغازات بسبب الاكتظاظ. وأضاف محمد فراس الجندي أن أعراض التسمم بالغازات الكيميائية كانت واضحة.
وسارع النظام السوري إلى التنصل من جريمته ونفت قواته “نفيا قاطعا” استخدام أسلحة كيميائية في بلدة خان شيخون، مؤكدة أن “القوات المسلحة لم ولن تستخدمها في أي مكان أو زمان لا سابقا ولا مستقبلا”.
كما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن طائراتها “لم تشن أي غارة في منطقة بلدة خان شيخون”.
وتعد الغوطة الشرقية أبرز معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، وتحاصرها قوات النظام السوري منذ عام 2012.
وعزا مراقبون دوافع النظام في ارتكاب تلك المجزرة إلى فشله في دخول مدينتي معردس وحلفايا بريف حلب الشمالي القريبتين من خان شيخون، رغم الغارات التي تشنها يوميا الطائرات الروسية والسورية بالمنطقة.
الجزيرة+وكالات