بعد يوم من انتهاء جولة المفاوضات الخامسة بين الحكومة السورية والمعارضة على وقع اتهامات متبادلة بـ «الإرهاب» و «المراهقة»، صدرت تصريحات أوروبية تحض إدارة الرئيس
دونالد ترامب على «توضيح موقفها» بعدما أعلنت أنها لم تعد تركز على إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد بل على هزيمة تنظيم «داعش». وجاء ذلك فيما تستعد سورية في الأيام القليلة المقبلة لأكبر عملية تهجير متبادلة ذات بُعد طائفي بين سكان مناطق سنّية مؤيدة للمعارضة قرب دمشق وسكان بلدتين شيعيتين مؤيدتين للحكومة في إدلب.
وكشف عضو «اللجنة الشرعية» في «هيئة تحرير الشام» (التي تضم «النصرة» سابقاً) عبدالله المحيسني أمس، بعض تفاصيل ما يُعرف بـ «اتفاق كفريا والفوعة – الزبداني ومضايا» الذي أُبرم مع وفد من «الحرس الثوري» الإيراني و «حزب الله» اللبناني بوساطة قطرية، كما يُعرف على نطاق واسع. ونقلت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة عن المحيسني أنه تواصل مع القائمين على ملف التفاوض وأن الاتفاق يقضي بخروج قرابة ألفي شخص من أبناء مضايا والزبداني «المطلوبين» للحكومة السورية وليس كل أهالي البلدتين (ريف دمشق)، في مقابل السماح بإخراج جميع القاطنين في الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما الفصائل الإسلامية في إدلب. وأضاف أن الاتفاق تضمن إدخال مواد غذائية لكل المناطق المُحاصَرة وإخراج 1500 معتقل (بينهم نساء) من السجون السورية.
ومن المقرر أن تبدأ عملية الإجلاء المتبادل بين الفوعة- كفريا والزبداني- مضايا يوم الثلثاء.
وليس واضحاً الدور الذي لعبته قطر تحديداً، لكن المعروف أن لديها عدداً من مواطنيها الذين خُطفوا في العراق قبل نحو عامين وهي تعمل على تأمين الإفراج عنهم. ويتردد على نطاق واسع أنهم مُحتجزون لدى جماعة شيعية في العراق مرتبطة بعلاقات جيدة مع «حزب الله».
في غضون ذلك، خرجت أمس دفعة جديدة من مهجّري حي الوعر في حمص إلى ريف إدلب. وذكر «الإعلام الحربي» لـ «حزب الله» أن حافلات أقلّت نحو 1920 شخصاً بينهم 432 مسلحاً من الوعر وتحرك في اتجاه إدلب. وهذه الدفعة الثالثة من المهجّرين من الوعر، علماً أن الدفعات السابقة اتجهت إلى جرابلس التي تخضع لسيطرة فصائل «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي الشرقي على الحدود مع تركيا، وليس إلى إدلب التي تخضع لسيطرة فصائل إسلامية بينها «هيئة تحرير الشام».
واستمرت أمس المعارك بين «قوات سورية الديموقراطية» الكردية- العربية التي تدعمها واشنطن في ريفي الرقة والطبقة معقلي «داعش» شمال شرقي سورية، في وقت واصلت القوات النظامية السورية استعادة مناطق في ريف حماة وأبعدت فصائل إسلامية عن مطار حماة العسكري.
سياسياً، أيد البيت الأبيض تعليقات أدلى بها وزير الخارجية ريكس تيلرسون والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي اللذان قالا إن الولايات المتحدة لا تركز حالياً على إزاحة الأسد. ولقي هذا الموقف انتقادات أوروبية. ونقل موقع «روسيا اليوم» الروسي عن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت دعوته إلى عدم التركيز على مصير الأسد في إطار المساعي للتوصل إلى حل للأزمة السورية. وقال إرولت في بروكسيل: «إذا كان البعض يريد أن يتركز الجدل بأي ثمن حول ما إذا كنا نُبقي أو لا نُبقيه، فالسؤال لا يطرح بهذا الشكل. بل أن نعرف ما إذا كانت الأسرة الدولية تحترم التعهدات التي قطعتها».
وقال رداً على تصريحات المسؤولين الأميركيين: «أجهل ماهية الموقف الأميركي في النهاية… أدعو المسؤولين في واشنطن إلى توضيح موقفهم… يجب عدم الاكتفاء بالخيار العسكري، بل العمل أيضاً لتشجيع المفاوضات والتوصل إلى اتفاق سلام ومصالحة في سورية وإعادة الإعمار لضمان عودة اللاجئين».
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، إن «التركيز على التصدي لداعش أمر جيد، لكن يجب حصول انتقال لإبعاد نظام الأسد الذي تسبب بعدد كبير من القتلى والدمار للشعب السوري».
إلى ذلك، تبادل مفاوضو الحكومة السورية والمعارضة الإهانات في ختام الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف مساء الجمعة، ووصفوا بعضهم بعضا بـ «الإرهابيين» و «المراهقين» بعد جولة استغرقت ثمانية أيام في جنيف. وقال رئيس وفد المعارضة نصر الحريري إن «النظام الإرهابي» للرئيس الأسد رفض مناقشة الانتقال السياسي خلال جولة محادثات بقيادة الأمم المتحدة. وأضاف أن الأسد «مجرم حرب ينبغي أن يتنحى باسم السلام». ووصف رئيس وفد الحكومة بشار الجعفري أعضاء وفد المعارضة بـ «المراهقين» الذين يظنون أنهم يظهرون في برنامج للمواهب في التلفزيون مثل «أراب آيدول» و «ذا فويس».
الحياة