بشكل مفاجئ، أعلن جهاز الأمن والمخابرات السوداني أن رئيسه الفريق أول محمد عطا المولى عاد إلى الخرطوم بعد إجرائه مباحثات وصفها بالمهمة في الولايات المتحدة الأميركية، شملت
وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي) ومكتب التحقيقات الفدرالي، ورؤساء لجان ونواب في الكونغرس كأول تواصل رسمي حقيقي يعقب قرار تخفيف العقوبات الأميركية على السودان.
ولم تكن زيارة عطا -التي استغرقت عدة أيام- بالأمر المستغرب لأنها -وفق محللين- تأتي في إطار التعاون الأمني والاستخباري القائم بين الخرطوم وواشنطن، والمدرج أصلا ضمن اشتراطات رفع الحصار الاقتصادي كليا على السودان في يوليو/تموز المقبل.
وسبق للمخابرات السودانية أن قالت في نشرة لها مساء الأحد الماضي إن مسؤولها الأول أجرى لقاءات مكثفة بواشنطن مع قيادات “سي آي أي” ومكتب التحقيقات الفدرالية والأمن القومي، بالإضافة إلى رؤساء لجان ونواب من الكونغرس، مبرزة لقاء عطا المولى مع مدير الاستخبارات ونائبته ومساعديه الرئيسيين.
تعاون أمني متقدم
ورغم حالة الكتمان التي أحاطت بتلك المباحثات وعدم الإفصاح عنها إلا عقب عودة عطا المولى للخرطوم، يعتقد بعض المحللين أن ما بذل من خدمات سودانية للجانب الأميركي كفيل بتحريك كثير من الثوابت في العلاقات بين الدولتين.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي خالد التجاني أن “الزيارة تعكس مدى تقدم التعاون الاستخباري بين السودان وأميركا الذي بدأ منذ العام 2000، مما يشير إلى أن التحرك الأمني الاستخباري متقدم على السياسي في علاقات البلدين” وبالتالي فهو يهدف لتعزيز التعاون الأمني القائم أصلا”.
وتوقع التجاني في حديثه للجزيرة نت أن يقدم السودان الكثير من الخدمات والمعلومات في المجال الأمني لأميركا وغيرها من الدول الفاعلة على مستوى العالم، مشيرا إلى أن أهمية زيارة مدير الأمن السوداني لأميركا ترجع لكونها تمت بعد مرور ثلاثة أشهر على المهلة المحددة لرفع العقوبات كليا عن السودان “فقد تكون للزيارة مردودها الإيجابي في هذا الاتجاه”.
ويذهب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين في ذات المنحى، ويقول إن الزيارة المذكورة جاءت لتأكيد مدى التزام الخرطوم باستمرار التعاون الاستخباراتي والأمني القائم بين السودان والولايات المتحدة في حال تم رفع العقوبات كليا عن السودان في يوليو/تموز المقبل.
رفع الحصار
ويوضح زين العابدين أن الزيارة ذاتها تأتي لمعرفة مدى تأثير جهاز الأمن والمخابرات السوداني على القرار السياسي في الخرطوم لأجل ضمان تنفيذ الاشتراطات الأميركية المتفق عليها، ويعتبر أن وكالة الاستخبارات الأميركية قامت بهذه الخطوة ليتسنى لها الدفع بنصيحتها إلى الرئيس دونالد ترمب -كغيرها من المؤسسات الأمريكية- حينما يأتي موعد النظر في قرار العقوبات المفروضة على السودان.
ويؤكد زين العابدين للجزيرة نت أن علاقة الأمن والمخابرات السودانية مع “سي آي أي” قديمة “وأن الأمن السوداني خسر مبالغ طائلة في جمعه مديري الاستخبارات الأفريقية بالخرطوم خلال الفترة الماضية “الأمر الذي كان جميعه لصالح وكالة الاستخبارات الأميركية”.
ويخالف أستاذ العلوم السياسية عبد الله حمد الله وجهتيْ النظر السابقتين، ويقول إن زيارة المسؤول الأمني السوداني لأميركا جاءت في سياق الأحداث التي سبقتها، خاصة وأن جهاز الأمن السوداني يرى أن تعاونه مع الاستخبارات الأميركية أسفر عن نتائج إيجابية تمثلت في رفع الحصار جزئيا عن البلاد.
ويرى حمد الله أن ذلك يعكس حرص الطرفين على التواصل والتعاون في مجالات مكافحة “الإرهاب والتطرف” والهجرة غير الشرعية، وغيرها من القضايا المسكوت عنها، ولا يستبعد أن تفضي هذه التحركات إلى رفع كامل للعقوبات المفروضة على السودان، وربما شطب اسمه من القائمة الأميركية السوداء.
الجزيرة