حسم حزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض وأقوى الداعمين للحوار الوطني أمره باختيار الدكتور علي الحاج أمينا له مكان الراحل الدكتور حسن الترابي، مع مبدأ المشاركة في حكومة
الوفاق الوطني المنتظرة.
وتجاوز الحزب خلافات حادة مكتومة بدأت بالظهور للعلن قبل أيام من انعقاد المؤتمر، خاصة قرار المشاركة في حكومة الوفاق الوطني دون انتظار إجازة مقترحاته للتعديلات الدستورية التي دفع بها مؤخرا.
ومع شدة التجاذب والتراشق بين الرافضين والمؤيدين لمبدأ المشاركة عقد الحزب أول مؤتمر عام له عقب رحيل مؤسسه حسن الترابي على أمل أن يضع المؤتمر الأمور في نصابها ويحسم أمر المشاركة بصورة مؤسسية تجنبه الانزلاق إلى دائرة الانشقاق.
الحوار الوطني
وفي خطوة اعتبرها مراقبون تفاديا للانشقاق أفسح الشيخ إبراهيم السنوسي -أبرز الداعمين للمشاركة- والذي تولى أمانة الحزب في فترته الانتقالية المجال لصالح الطبيب علي الحاج محمد نائب الأمين العام السابق العائد لتوه من منفاه الاختياري في ألمانيا.
وفور اختياره للأمانة بأغلبية 984 صوتا في مقابل 14 صوتا لمنافسه إبراهيم عبد الحفيظ أعلن علي الحاج المشاركة في الحكومة المقبلة مع العمل على تنفيذ توصيات الحوار الوطني والصبر عليها، بجانب “مجاهدة من يحاولون الخروج على تلك التوصيات وإبراز ذلك للشعب السوداني”.
وبدا واضحا تعويل حزب المؤتمر الوطني الحاكم على تماسك حليفه الأبرز في ما يعرف بـ”حوار الوثبة”، والمشاركة في الحكم لضمان نجاح ما تم التوصل إليه من مخرجات ومقررات تحاورية.
وأثنى إبراهيم محمود نائب رئيس المؤتمر الوطني على حزب المؤتمر الشعبي المعارض “كأول حزب ينخرط في الحوار الوطني ويدعمه”.
وأضاف في كلمة أمام المجتمعين أنه يأمل في استمرار دعم “الشعبي” وصولا إلى إنفاذ مقررات الحوار الوطني، ليأتي الرد من الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر مطمئنا المؤتمر الوطني، ومؤكدا أن قرار مشاركة حزبه في حكومة الوفاق الوطني اتخذته هيئة قيادة الحزب، وأن المحك الحقيقي لسريان القرار هو إجازة التعديلات الدستورية المطروحة أمام البرلمان السوداني.
وأبدى كمال عمر ثقته التامة في تماسك حزبه رغم قرار المشاركة “لأن أفراده تجمعهم فكرة وليست وزارة أو رئاسة”.
وأضاف عمر أن التيارات الرافضة للمشاركة في الحكومة تمتلك حق التعبير عن رأيها وإثارة القضية داخل مؤسسات الحزب، “لكن في آخر المطاف فإن قرار المؤسسات هو الذي يسري”.
وباعتقاد عمر فإن التحدي الأبرز الذي سيواجه الأمانة العامة الجديدة لحزبه هو الإنجاز لقضايا الحريات ومقررات الحوار الوطني التي وصفها بأنها “التزام دستوري وأخلاقي واجب النفاذ”.
على الجانب الآخر، يعتبر شباب حزب المؤتمر الشعبي الأكثر اعتراضا على مشاركة الحزب في الحكومة ليس لاشتراطهم إجازة وثيقة الحريات التي وضعها زعيم الحزب الراحل حسن الترابي أولا، بل يريدون شراكة -إذا ما قرر الحزب ذلك- حقيقية خلافا لما درجت عليه عادة المؤتمر الوطني مع القوى السياسية الأخرى.
حسين منصور عبد القادر -وهو مهندس آخر مذكرة شبابية سلمت للأمين العام المكلف إبراهيم السنوسي- رأى أنه لا ينبغي مطلقا التنازل عن مقررات الحوار ووثيقة الحريات، وأن تكون التعديلات الدستورية طريقا أوحد للمشاركة في الحكومة.
وقال إن حزبه شارك في الحوار الوطني وضحى من أجله، وينبغي أن تكون مشاركته في الحكومة فعلية وعلى كافة المستويات، حسب وصفه.
بالمقابل، تحدث أستاذ العلوم السياسية عبده مختار موسى عما سماها تركة الترابي التي وصفها بالثقيلة على الآخرين، معتبرا أن مشاركة الحزب وفق القرار الذي اتخذه قد تفقده الكثير من القواعد الشبابية.
بيد أن مختار موسى أكد أن عدم مشاركة الحزب ستؤثر على مجمل عملية الوفاق الوطني التي تحققت بالحوار.
واعتبر أن تنازل المؤتمر الشعبي عن شرطه بإجازة التعديلات الدستورية قبل المشاركة قد يضعف هو الآخر نتائج الحوار ويجعلها كما لو لم تكن.
الجزيرة