“عبيدا كنا لفرعون في مصر، وأخرجنا الرب إلهنا من هناك بيد قوية وذراع ممدودة، ولو لم يخرج القدوس آباءنا من مصر، لكنا لا نزال نحن وأبناؤنا وأحفادنا عبيدا في مصر”، هذا نص
من “الهاجادا” يردده اليهود في ليلة التهيئة التي تعتبر الليلة الأهم في عيد الفصح، مستندين إليه في أسطورتهم المزعومة بأنهم بناة الأهرامات، في خلط واضح لأكاذيب وترويج لأسطورة زائفة.
قال الدكتور أحمد فؤاد أنور، أستاذ العبري الحديث بجامعة الإسكندرية، إن أمر إدعاء الإسرائليين بأنهم بناة الأهرامات مثير للسخرية، وأي متخصص في علم الآثار أو تاريخ الجماعات اليهودية يعلم علم اليقين أن جميع المزاعم الإسرائيلية المتعلقة بهذا الشأن لا تتعدى الدعاية الكاذبة.
ويؤكد أنور، أن علماء الآثار أجزموا أن بني إسرائيل دخلوا إلى مصر في عهد الدولة الوسطى بينما الأهرامات بُنيت في فترة الدولة القديمة أي أن دخول بني إسرائيل لمصر كان بعد بناء الأهرامات بقرون عديدة، مشيرا إلى أن هذه المعلومات موثقة في مقابر بني حسن بمحافظة المنيا.
وأرجع ذلك إلى أن السند الوحيد الذي يستغله الإسرائيليون في مزاعمهم لنباء الأهرامات، هو نص لديهم يقول “بالذل والهوان بنينا بيتوم ورعمسيس”، موضحا أن بني إسرائيل كانوا متواجدين في مصر كعبيد وشاركوا بالفعل في بناء بعض المخازن في صان الحجر بمحافظة الشرقية في منطقة الدلتا لكن في عصر الدولة الحديثة فقط.
وأوضح أن الحضارة ليست أهرامات فقط، متسائلا :”لماذا لم يقم بنو إسرائيل ببناء أهرامات بعد فترة التية وقبل السبي وأين بقية المظاهر الحضارية التي تركوها عقب خروجهم من مصر؟”، ووصف هذه المزاعم بأنها “قرصنة على التاريخ”، مشيرا إلى أنهم لصوص حضارات ولكن الفارق بينهم وبين اللص العادي أنهم لا يريدوا بذل جهد للمرور بجريمتهم.
وكان الموقع الإلكتروني لصحيفة “معاريف” الإسرائيلية، ذكر أن الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز نشر صورة له على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ظهر فيها وفي الخلفية أهرامات الجيزة، بمناسبة عيد الفصح اليهودي.
وكتب بيريز تعليقا على الصورة: “سيلفي خروج اليهود من مصر، أشعر بالحنين للماضي، عيد فصح سعيد”.
واقعة أخرى لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي مناحم بيجن، تثبت تطور الأسطورة الإسرائيلية على المستوى الرسمي حتى وإن كانت على سبيل المزاح، حيث إن زيارة بيجن إلى مصر، تفاخر بيجن الذي يُعد أول رئيس وزراء إسرائيلي يزور الأهرامات، حيث قال: “الأهرام بناها آباؤنا الأوائل بنو إسرائيل”، ليقابل الرئيس الراحل محمد أنور السادات هذه الجملة بضحكة سخرية.
في المقابل يوجد اتجاه آخر في إسرائيل ينفي ما يتردد من الأكاذيب الصهيونية بشأن الأهرامات، حيث أكد العالم الأثري الإسرائيلي الشهير، البروفيسور يسرائيل فينكلشتاين، رئيس معهد الآثار بجامعة تل أبيب، في دراسة أن بني إسرائيل لم يبنوا الأهرامات في مصر، موضحا أن غالبية الأهرامات الموجودة في مصر بُنيت في حقبة المملكة القديمة، حيث إن الإدعاء اليهودي غير ممكن من الناحية الكرونولوجية “علم تسلسل الزمن”، والدليل على ذلك أن بناء الأهرامات توقف كليا قبل نهاية عهد المملكة الفرعونية المتوسطة “نحو عام 1640 قبل الميلاد”، فيما خروج بني إسرائيل من مصر تاريخه الدقيق غير معروف، ولكن بعض الدراسات رجحت خروجهم من مصر.
الوطن