بريكست.. هل تفتح الباب لتفكك بريطانيا العظمى؟

هيئة التحريرآخر تحديث :
gfjokgh

gfjokgh

لم يعد هناك ما يمنع الحكومة البريطانية من بدء إجراءات التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لمغادرته بعد موافقة مجلس اللوردات ومجلس العموم على مشروع القانون الذي يخوّل لرئيسة الوزراء

تفعيل المادة الخمسين من اتفاقية لشبونة، دون إجراء أي تعديلات عليها.

وكان مجلس اللوردات اقترح إدخال تعديليْن أساسييْن؛ الأول يعطي ضمانا للرعايا الأوروبيين الموجودين في بريطانيا الذين يبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين شخص حق البقاء في بريطانيا دون أي شروط، والثاني يمنح البرلمان البريطاني صلاحية التصويت للموافقة أو رفض أي اتفاق قد تتوصل إليه الحكومة البريطانية مع الجانب الأوروبي في ختام مفاوضاتها معه.
وأكدت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي وأغلبية أعضاء حزب المحافظين أن الإبقاء على مشروع القانون كما هو -والذي سيصبح نافذ المفعول في غضون أيام قليلة بعد موافقة الملكة إليزابيث الثانية عليه- سيمنح الحكومة هامشا أوسع ومتسعا أكبر للتعاطي مع دول الاتحاد الأوروبي ولا يقيّد خطوات التفاوض معها -خاصة في ما يتعلق بالهجرة أو التبادل التجاري أو الرعايا الأوروبيين المقيمين في بريطانيا.

لكن رغم اجتياز الحكومة البريطانية أهم العقبات من أجل تمهيد الطريق وإطلاق إجراءات انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي مع نهاية الشهر الجاري، فإن هذا الطريق لن يكون بالضرورة معبّدا بالورود لعدة أسباب.
قضية أسكتلندا
ويأتي على رأس هذه الأسباب إعلان رئيسة الحكومة الأسكتلندية نيكولا ستيرجن نيتها إجراء استفتاء ثان بين خريف العام المقبل وربيع عام 2019 لانفصال أسكتلندا عن المملكة المتحدة، بحجة أن الشعب الأسكتلندي لم يصوّت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وسيكون من غير المعقول تجاهل خيار الشعب الأسكتلندي بالبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.

وستواجه رئيسة الوزراء البريطانية -التي اتهمت ستيرجن بتغليب المصلحة السياسية الضيقة لحزبها على حساب المصلحة الاقتصادية الكلية للشعب البريطاني- مشاكل في التعامل مع طلب استفتاء الاستقلال، فهي لا تستطيع أن ترفض طلب الحكومة الأسكتلندية تماما مخافة تأجيج المشاعر القومية في أسكتلندا وزيادة مطالب الانفصال.

ورغم أنها مخولة دستوريا وقانونيا باتخاذ القرار المناسب، وحتى معارضة أي دعوة للانفصال، فإنها ستلجأ على الأغلب إلى تكتيك التأجيل من خلال السماح بإجراء استفتاء أسكتلندا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2019، وربما بعد ذلك بسنوات قليلة، على أمل أن تتغيّر المعطيات السياسية.

ومن الأسباب الأخرى مطالبة حكومتي مقاطعة ويلز وإيرلندا الشمالية بمناقشة الموضوع في ظل المعطيات الجديدة، في محاولة منهما للحصول على امتيازات أكثر من الحكومة المركزية، لكن دون الولوج إلى موضوع الانفصال عن المملكة المتحدة، وهذا من شأنه أيضا أن يزيد من المشاق السياسية والاقتصادية التي تواجه رئيسة الحكومة البريطانية.

وبالإضافة إلى النزعات الانفصالية تزيد المخاوف مما قد تسفر عنه عملية التفاوض؛ إذ من المفترض أن المفاوضات مع الجانب الأوروبي تستغرق عامين للتوصل إلى اتفاق يضمن مصلحة الجانبين البريطاني والأوروبي، لكن لا أحد يستطيع أن يضمن ذلك لا من حيث الوقت المستغرق لإنهاء المفاوضات والتوصل لحل يرضي الطرفين، ولا من حيث مضمون الاتفاق وتداعياته على المجتمع البريطاني واقتصاده.
ومع أنه من المبكّر الحديث عن أن بريطانيا العظمى تتجه إلى التفكك، وأن البريكست هي اللبنة الأولى التي وضعها ساستها دون قصد لإحداث ذلك التفكك، فإن السنوات المقبلة وما تحمله في طياتها من أحداث ومتغيرات سياسية واقتصادية على المستوى الداخلي والأوروبي هي الكفيلة بالإجابة عن ذلك.

الجزيرة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة