١- تزويد أمريكا الثوار بالسلاح
٢- علماء السنة واعلان الجهاد
٣- روحاني وفوزه بالانتخابات
٤- خطابات حسن نصر الله الأخيرة
هناك عدة حقائق يجب الانطلاق منها لرؤية المشهد كاملا:
١- ان علماء ومشايخ السنة تتفاوت سوياتهم العلمية والفكرية، فمنهم علماء حقيقيون يمثلون قامات كبيرة في المعرفة والثقافة
والغوص بعمق القضايا البحثية وهم ضمير وعقل الامة العربية والاسلامية، ولكن ايضا نستطيع الانحدار الى طبقة اشباه العلماء من خطباء جوامع ومهيجيي مشاعر ليس إلا، وبعضهم يعيش خارج نطاق الكون الطبيعي ويرى ان المعجزات قانون متكرر في كل لحظة (بعكس ما دعى له الإسلام العظيم)، مرورا بمشايخ السلطان ودعاة القنوات التلفزيونية الذين تهمهم النجومية اكثر من مصير الامة كلها. هؤلاء “علماء الامة” الذي دعوا للجهاد بجميع أصنافهم مع احترامنا للعديد منهم ليسوا الا أمواجا صوتية تتخامد بالوسط المحيط بسرعة دون اي تأثير به فيما يتعلق بالثورة السورية. على العكس فهي تثبت السخرية التي أعلنها زعيم حزب ايران في لبنان عندما قال : “نحن لسنا بحاجة لإعلان جهاد، كلمتين فقط ويأتي عشرات الآلاف”.
٢-البعض من هؤلاء الذين أعلنوا الجهاد كنا قد طلبنا منهم ومنذ بدايات الثورة ان يساعدوننا بمسيرة مليونية في مصر لنصرة الشعب السوري، فلم يقدموا اي شئ، ونفس التجربة تكررت في مختلف العواصم العربية والإسلامية والعالمية، فمن لا يفكر بحشد مظاهرة مليونية خلال سنتين، لا نعلم مامدى جدية دعوته للجهاد، لذلك اذا كانوا صادقين فليتوجهوا الى سوريا ليكونوا مثلا يحتذى به.
٣- المهزلة ان البعض يسوق لفكرة ان أمريكا خافت من إعلان الجهاد هذا فقامت بالموافقة على تسليح المعارضة. وفي الحقيقة اننا نبهنا كثيرا منذ بداية الثورة الى ان امريكا والمجتمع الدولي لن يتدخل الى ان تنشب حرب طائفية في سوريا، فيكون التدخل مدخلا للتقسيم، لذلك فإننا واثقون بأن ما اعلنته امريكا من تقديم سلاحا للثوار في سوريا سيكون بكميات غير كافية لحسم المعركة لصالح الشعب، ولكنه سيساعد باطالة امد الحرب. لذلك يجب ان لا نعول كثيرا على المجتمع الدولي، وأنبه الى ان أمريكا هي أقوى دولة قامت بالتاريخ الى الآن، و لديها من المؤسسات ومراكز البحوث ما لا تستطيع تخيله عقول الحكواتية والمهرجين في بلادنا، ومن هذه المراكز ماهو متخصص بالشأن السوري ويعلم ويناقش ويحلل في تفاصيل الشأن السوري الدقيقة ما لا نعلمه ولا يخطر على بالنا نحن السوريون. هذه المراكز مع مثيلاتها الإسرائيلية هي التي أوقفت مشروع وزيرة الخارجية الأمريكية بتزويد الثورة بسوريا بالأسلحة، لان انتصار الثورة السورية ليس لمصلحة اسرائيل حتى وإن كان لمصلحة أمريكا. والمشروع الأمريكي في منطقتنا مهيمن عليه من العقول الصهيونية والسياسة الإسرائيلية المتطرفة. اما المشروع الإسرائيلي في المنطقة فهو ببساطة تدمير إرادة شعوبها بالتجويع والقتل والإفقار والتجهيل والاستبداد وحرفهم عن مسار العلم والتنوير والابتعاد عن الحكمة والعقل ومنهج العمل الذي يدعو له الإسلام. واعظم طرق التدمير التي أجادها اليهود عبر التاريخ ومارستها أمريكا ضد أعدائها يسمى “التدمير الذاتي” الذي سبب انهيار الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو دون إطلاق رصاصة واحدة عليهم، وهذه نفس الطريقة التي تتبع بالحرب مع المسلمين.
٤- المشروع الاسرائيلي الأمريكي هو ادخال المنطقة بحروب طائفية تدمر بها طوائف المنطقة بعضهم البعض، مستغلين المتطرفين من جميع الطوائف وخصوصا أوهام وهستيريا الولي الفقيه والقطعان المسيطر عليها من اتباعه بقروب النصر الالهي ومجئ المهدي المزعوم بقوى تهزم العالم كله لصالح المشروع الإيراني، وهذا يفسر ما زعمه زعيم حزب ايران في لبنان بخطابه الاخير بأن مايقوم به لصالح فلسطين وشعوب وطوائف المنطقة، دون ان يفهم بأنه تم تسمينه هو و حزبه بانتصارات إعلامية لعدة سنوات لهذا الغرض. لذلك فان فوز روحاني بالانتخابات الإيرانية لن يؤثر على اي من استراتيجيات والمخططات سواء الإسرائيلية او الإيرانية او الأمريكية، ولكن من الممكن ان يغير بالتكتيكات مما يطيل بعمر النظام الإيراني الطرف الأساس في الحرب الطائفية في العالم الاسلامي ومن ثم زيادة مدة الحرب الايرانية مع العرب، الى ان يكفر الناس بالإسلام والعروبة والوطنية، وفي النهاية قد تتدخل اسرائيل لانقاذ المظلومين بالمنطقة، فيحل المخلص الاسرائيلي مكان المهدي الإيراني.
٥- الثورة السورية هي رأس الحربة بالمشروع العربي والمشروع الاسلامي الحضاري للمنطقة.
لذلك على الشعب السوري وخصوصا زعماء الكتائب والمعارضة، توحيد الصفوف وتشكيل قيادة مركزية مؤقتة تؤدي لإنشاء شبكات أمان في سوريا وإنتاج مشروع حضاري للأمة وشعوب المنطقة. ولكن هناك بحاجة لتنظيم ودعم مادي كبير وهذا في متناول يد الدول الخليجية التي لا نعلم ان كانت قد أدركت ام لا، بأن مصيرها مرتبط بنتائج الثورة السورية وانها ستزول سريعا دنيا وآخرة، اذا زالت إرادة الشعب في سوريا. “وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ. وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ”.
الأكاديمي سقراط البعاج منسق ورشة الوحدة الوطنية وتجريم الطائفية