عرقلت روسيا السبت إصدار مجلس الأمن الدولي بيانا يعرب عن القلق من الحصار الذي يفرضه الجيش السوري النظامي المدعوم بعناصر من حزب الله اللبناني على بلدة القصير
بريف حمص، بينما دعت الأمم المتحدة الأطراف المتحاربة في المنطقة إلى السماح للمدنيين بمغادرتها.
وقال دبلوماسي في المجلس شريطة عدم نشر اسمه لرويترز إن روسيا أعاقت مسودة البيان قائلة إنه “ليس من المستحسن إصدار بيان لأن مجلس الأمن الدولي لم يفعل ذلك عندما سيطرت المعارضة على القصير”، وأكد دبلوماسي آخر هذه التصريحات.
ويسلط تحرك موسكو لعرقلة البيان الضوء على الهوة العميقة بين روسيا والدول الغربية بشأن كيفية معالجة الحرب الدائرة منذ عامين في سوريا، والتي أدت لاستشهاد أكثر من ثمانين ألف شخص.
وكانت بريطانيا -الرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي- قد وزعت أمس السبت مسودة بيان على أعضاء المجلس “يبدي القلق العميق إزاء الوضع في القصير بسوريا، ولا سيما تأثير القتال الدائر على المدنيين
مسودة البيان:
وحثت أيضا مسودة البيان القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلي المعارضة على “بذل أقصى جهدهم لتفادي سقوط ضحايا من المدنيين، وأن تمارس الحكومة السورية مسؤوليتها لحماية المدنيين”.
ودعت المسودة حكومة الأسد إلى “السماح لعناصر إنسانية غير متحيزة، ومن بينها وكالات الأمم المتحدة، بالدخول فورا وبشكل كامل ودون إعاقة للوصول إلى المدنيين المحاصرين في القصير”.
وقال دبلوماسيون إن روسيا أبلغت أعضاء المجلس أن أفضل السبل للتعامل مع سوريا هو من خلال الدبلوماسية المكثفة، ولكن أحد دبلوماسيي المجلس أشار إلى أن روسيا تواصل بيع السلاح لحكومة الأسد.
واتهمت موسكو بدورها الحكومات الغربية والعربية الخليجية بتقديم المال والسلاح وأشكال الدعم الأخرى لمقاتلي المعارضة، وهذا ادعاء أعلنته أيضا حكومة الأسد مرارا.
وعارضت روسيا والصين محاولات فرض عقوبات على حكومة الأسد في مجلس الأمن، واستخدمت حق النقض (الفيتو) ضد ثلاثة مشروعات قوانين تدين حكومة الأسد.
وتحاول موسكو وواشنطن تنظيم مؤتمر للسلام في جنيف هذا الشهر يضم الحكومة ومقاتلي المعارضة، وثار خلاف بشأن من الذي يجب أن يشارك في المؤتمر؟ ولم يتم تحديد موعد له.
دعوة أممية:
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعا السبت مقاتلي المعارضة السورية في القصير وقوات الجيش السوري النظامي المدعومة بعناصر من حزب الله إلى السماح للمدنيين بمغادرة المنطقة، وحذر جميع الأطراف من المحاسبة.
وقال المتحدث باسم بان مارتين نيسيركي في بيان إن الأمين العام “يحض جميع الأطراف على بذل أقصى جهدهم لتفادي الخسائر في صفوف المدنيين”، محذرا من أن جميع الأطراف “سيتحملون المسؤولية عن أي فظاعة ترتكب بحق السكان المدنيين في القصير”.
وأضاف المتحدث أن الأمين العام يذكر الحكومة السورية بمسؤوليتها تجاه حماية المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان -الذي يتخذ من لندن مقرا له- أن آلاف المدنيين لا يزالون في مدينة القصير ومن بينهم نحو ألف جريح، لافتا إلى أن الوضع الصحي والطبي “سيئ جدا”.
وتتعرض القصير في محافظة حمص لهجوم يشنه الجيش النظامي السوري يسانده مقاتلو حزب الله اللبناني منذ 19 مايو/أيار المنصرم.
وتأتي تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة في الوقت الذي يعزز فيه الجيش السوري -بدعم من مقاتلي حزب الله- مواقعه في القصير، واستعداد الجيش السوري الحر لهجمات جديدة، مما يثير المخاوف بشأن مصير المدنيين المحاصرين في المدينة.
كما تأتي التصريحات وسط استعدادات لاجتماع ثلاثي بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا في الخامس من الشهر الجاري، تمهيدا لعقد مؤتمر جنيف 2، الذي يأتي نتيجة مشاورات أميركية روسية لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.
وكانت المعارضة السورية قد كررت شروطها للمشاركة في المؤتمر الدولي، مجددة مطالبتها بتنحي الرئيس السوري وبوقف العمليات العسكرية “لقوات النظام وحزب الله وإيران”.