في إطار فعاليات اليوم الأول لمنتدى الجزيرة السنوي السابع، ألقى رئيس دولة البوسنة والهرسك، سابقا، حارث سيلاجيتش، محاضرة قارن فيها بين ما جرى في البوسنة وتداعيات ذلك، وبين ما يسمى الربيع العربي، وعلى وجه الخصوص ما يجري في سوريا.
وأكد سيلاجيتش أنهم في البوسنة يتعاطفون بشدة مع المدنيين الذين يسقطون في سوريا لأن تجربة سكان البوسنة ما تزال “طازجة” ويذكرون جيدا كيف كانوا يكافحون من أجل الماء والخبز، مما يخلق حالة من التشابه الكبير بين الدولتين، وقال إنه عندما هوجمت البوسنة أراد أن يُسمع العالم بما يجري، واليوم لا يمكن لأحد أن يتوقع حجم المعاناة في سوريا.
وأشار إلى أنهم حرموا في البوسنة من حقوق الإنسان الأساسية، ومن التعددية الثقافية التي كانوا يفتخرون بها ولم يُسمح لهم بتطويرها رغم أنها تعد أقدم مثال على التعددية في أوروبا، وفق قوله، “لكنها تموت اليوم في عالم العولمة” برضى الأوروبيين.
وعن تبعات الحرب أشار سيلاجيتش إلى أن إعادة بناء المجتمع ستستغرق وقتا طويلا رغم المساعدة الأكيدة التي سيحصل عليها السوريون من جيرانهم، منوها بأنه بعد عشرين عاما على أحداث البوسنة ما زلوا يعانون كما يعاني الجيل الجديد من حرب لم يشارك بها.
كما قال إن الناس فقدوا تعاضدهم الذي كان يجمعهم وقت الحرب، ولا يتذكرون هذا التعاضد إلا عندما يستذكرون الحرب، وأضاف قائلا: لقد اختلفت كذلك بعد الحرب آليات الاقتصاد، والاعتياد على القانون ولا سيما أنهم كانوا خلال الحرب “بلا قانون وكان يجوز للناس أن تَقتل”.
مقاربة:
وفي مقاربته مع الوضع البوسني، يقول سيلاجيتش إن معدل البطالة والأسعار في سوريا سيرتفعان بعد الحرب، وسيعاني المجتمع من هجرة الأدمغة للبحث عن فرص في مكان آخر.
أما بالنسبة للاجئين والنازحين فبعضهم فقط سيعود، وربما تختلف الحالة السورية هنا بعض الشيء بسبب قرب المسافة التي يلجأ إليها النازحون، وفق قوله، في حين أنهم في البوسنة شتتوا في أنحاء أوروبا، مشيرا إلى أن من بين اللاجئين البوسنيين لم يعد سوى 3.05%.
وأكد أنه كلما طالت مدة اللجوء ستكون العودة أصعب، لهذا لا بد بعد انتهاء الحرب من بذل جهود فورية لإعادة اللاجئين إلى ديارهم وإلا فإنهم لن يعودوا ولا سيما أنه إذا ما كبر الأطفال خارج بلدهم فإنه سيصعب عندئذ على الأسرة العودة والاندماج في بلدها الأصلي.
وتطرق أيضا إلى ما وصفه بديمقراطية الكفاءة واختيار الشخص الملائم للمكان الملائم، والتي لم تنجح كثيرا في التجربة البوسنية، كما قال، حيث أصبح الشخص يحتل موقعا مهما لا بسبب كفاءته وإنما بسبب عضويته في ائتلاف حزبي “وهذا شيء خطير”.
وحث على عدم التعجل والاندفاع، مستذكرا كلمة سابقة له بإحدى القمم قال فيها “إذا لم نسرع بالإبطاء فإننا سنكثر من أمثال البوسنة في العالم، لندع من هم بالخلف يلحقون بالقافلة أولا” لكنه أكد مع ذلك أنه من الصعب الإبطاء لكن يجب المشاركة والسماح للآخرين باللحاق بالقطار.
وحث رئيس البوسنة السابق على الحفاظ على القيم الأصيلة التي تم تجاهلها ومن بينها قيمة “الصبر” التي “نسيها أبناؤنا لأنه لا أحد لديه الوقت ليصبر” لكنه قال إن الخبر السار أن المجتمعات العربية تتمتع بالإرث والتقاليد التي يجب أن يتمسكوا بها، وأن يتوقفوا عن انتقاد أنفسهم أكثر مما يجب.