تستعيد درعا في هذه الأيام ذكرى أحداث مضت منذ سنتين، وكانت بداية لحراك ثوري امتد لمناطق سوريا المختلفة، فهنا لم يكن يدري أطفال البلدة الذي خطوا عبارات “الشعب يريد إسقاط النظام” على أحد الجدران أنهم يرسمون خط بداية لتاريخ جديد للبلاد.
العبارات المناوئة للنظام كانت سببا لاعتقال هؤلاء الأطفال مع مدرساتهم من قبل أجهزة الأمن التي لم تلق بالا لمطالب الأهالي بالإفراج عن أبنائهم، ولم تفلح المحاولات لدى محافظ درعا فيصل كلثوم ورئيس فرع الأمن السياسي عاطف نجيب ابن خالة الرئيس السوري بشار الأسد في تحرير هؤلاء المعتقلين، وهو ما أجج مشاعر الغضب التي تدفقت في مسيرة كبيرة بالمدينة.
المسيرة رفعت شعارات “بدنا ولادنا اللي بالسجون”، “الله سوريا حرية وبس”، “من حوران هلت البشاير”، ورفعت معها حاجز الخوف الذي سكن النفوس من بطش أجهزة النظام الراسخة في الحكم على مدى عقود.
توالت المحطات بعد ذلك في مسيرة الثورة بدرعا، فكانت “جمعة الكرامة” بمظاهراتها التي كانت أبرزها تلك التي شهدها الجامع العمري بدرعا البلد، هناك كان الرصاص الحي في استقبال المواطنين وكان محمود الجوابرة وحسام عياش أول الأسماء في قائمة الشهداء التي تسع اليوم أكثر من ستين ألفا.
الجامع العمري شهد أيضا أول اعتصام في الثورة التي تدخل عامها الثالث، فمن منبر هذا الجامع وجه الشيخ أحمد الصياصنة انتقادات لاذعة للنظام بعد فشل اللقاء الذي جمع وفدا من أهالي درعا ببشار الأسد. هذا الموقف رفع الشيخ الضرير إلى مرتبة رمز من رموز الثورة خاصة بعد اعتقاله مرات كثيرة، وقتل نجله وتعذيب عدد من أقاربه.
وحمزة الخطيب كان محطة أخرى لشحن همم معارضي النظام، فالطفل الذي لم يتجاوز الثالثة عشرة اعتقلته قوات الأمن وعاد لأهله جثة مشوهة، فكان سببا آخر في توسع حركة الاحتجاجات إلى مدن وبلدات المليحة وناحتة والحراك وخربة غزالة وعتمان والصورة وغيرها.
دوافع استمرار:
مشاعر الاحتقان والغضب كانت دافعا لاستمرار الثورة، وردود فعل النظام وموقف الإعلام الرسمي الذي اعتبر أن المتظاهرين “متآمرون” كانت وقودا إضافيا لتحريك المسيرات التي كانت تخرج تباعا في مناطق مختلفة من المدينة.
حراك درعا المستمر منذ عامين أوقع أكثر من 7150 شهيدا بينهم 12 إعلاميا، وأدخل ستة عشر ألفا إلى معتقلات النظام وفقا لإحصائية للشبكة السورية لحقوق الإنسان. وإضافة إلى ذلك حل الدمار بنحو 350 ألف بناية في درعا.
وباستمرار الثورة السورية تتزايد خسائر المدينة التي تحصي مزيدا من القتلى من أبنائها، فقبل أيام فقط أعدمت القوات النظامية كلا من مصلح عياش وربيع الكاكوني، وهما إمامان كانا من بين الذين قابلوا الأسد منذ عامين.