بقلم: راجح الخوري
كانت الازمة السورية الدامية في مقدم اهتمامات “مؤتمر الامن الدولي” الذي عقد في ميونيخ وحضرته 400 شخصية من 90 دولة وأنهى أعماله أول من أمس. هنا ليس من المغالاة القول ان مجرد عرض وقائع المقتلة السورية امام مؤتمر يحمل هذا الاسم، يكفي ليشكل ادانة قوية للمجتمع الدولي بكامله، وهو الذي يعجز عن ايجاد حل لأزمة لا تدمر بلداً بعينه بل تهدد الامن على المستويين الاقليمي والدولي!
الكبار الذين يمسكون بزمام العالم اذا صح التعبير والذين يفترض انهم يهتمون بالامن العالمي كانوا هناك بالطبع، وكانت هناك ايضاً اقنعتهم الخادعة على وجوههم تحجب وحشية مصالحهم امام المقتلة السورية التي تجاوز عدد ضحاياها الـ60 الفاً، لكن المثير ان الذين يمسكون بعنق مجلس الامن ويكتفون بالتفرج على حمامات الدم، تسابقوا في الكواليس على اجراء فحوص الـ”دي ان اي” السياسي لأحمد معاذ الخطيب، وقد تعاقبوا عليه من غرفة الى غرفة (جو بايدن وسيرغي لافروف وكاثرين آشتون وحتى علي اكبر صالحي)، ولكن يبدو ان المطلوب في النهاية كان التحلل السياسي والاخلاقي من دم السوريين وأن ادفنوا قتلاكم واذهبوا الى التفاوض… حسناً لكن ليس معروفاً على أي أساس وبأي هدف!
وفي انتظار استكمال تشظي المعارضة الذي أحدثه عرض الخطيب المفاجئ من الضروري التوقف امام الصرخة الجريئة التي أطلقها رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم عندما وقف في المؤتمر ليحمّل مجلس الامن المعطّل المسؤولية المباشرة عن استمرار المأساة السورية وعن آلاف الارواح التي أزهقت بنيران قوات النظام.
ولأن إطالة امد الازمة سيدخل المنطقة واستطراداً العالم في أتون طويل من الحروب، ولأن المناسبة هي للامن العالمي، وصلت صراحة الشيخ حمد الى حد يمكن ان يشكل تقريعاً للذين يمسكون برقبة مجلس الامن: “ما دمنا نتحدث هنا في مؤتمر ميونيخ المعني بالامن العالمي، فانني أقول وأؤكد ان الامن العالمي سيظل في خطر ما دام مجلس الامن الدولي المكلف حماية أمن العالم، يعجز عن اصدار قرار يوقف المجازر التي تتعرض لها الشعوب من الحكاّم الديكتاتوريين الذين يقتلون شعوبهم للاستمرار في السلطة”!
لكن المثير انه عندما وقف الشيخ حمد يختصر شعوراً عاماً في المنطقة العربية والعالم عبر شكواه من عجز مجلس الامن عن وقف القتل وفرض الحلول وإنصاف الشعوب وهو ما يحمّل الشرعية الدولية مسؤولية مباشرة عن استمرار مأساة الشعب السوري وعن الارواح التي أزهقت، كانت الادارة الاميركية – الروسية المشتركة تعمل في كواليس ميونيخ لمزيد من اهدار الدم عبر رعاية القتال بين النظام والثوار وترسيخ الانقسام بين المعارضة!