لم تعد صورة الطفل السوري حمزة الخطيب، الذي عذبته قوات الأمن السورية حتى الموت، تثير استغراب العالم. فالواقع الميداني الذي تعيشه سوريا حاليا على وقع الاشتباكات بين القوات النظامية والجيش السوري الحر يفرز يوميا العشرات من الصور التي تظهر أطفالا سوريين سقطوا أثناء المعارك أو تشوهوا بفعل القذائف الحارقة.
وتكشف الكثير من مقاطع الفيديو القاسية التي ينشرها ناشطو الثورة السورية على موقع “يوتيوب” جثث أطفال سوريين، تشوهت أعضاؤهم، بسبب القصف الذي تتعرض له معظم المناطق والمدن في سوريا. ووفقا لـ”قاعدة بيانات شهداء الثورة السورية”، التي تشرف عليها المعارضة، فإن عدد الضحايا من الأطفال السوريين الذين قتلوا على أيدي القوات النظامية وصل إلى 4678 طفلا، نحو 70% منهم من الذكور و30% من الإناث.
وتعتبر مجزرة الحولة، التي ارتكبت في مايو (أيار) من العام الماضي، العمل الأكثر وحشية الذي قام به النظام السوري ضد الأطفال الأبرياء، حيث قتلت قوات الأمن حينها ما يزيد على 50 طفلا حسب مصادر المعارضة. وأثارت هذه المجزرة آنذاك ردود فعل عنيفة من قبل المجتمع الدولي، لا سيما بعد قيام ناشطين سوريين بنشر شريط فيديو على شبكة الإنترنت يظهر جثث أطفال ملطخة بالدماء وملقاة في الشوارع، بعضها نتيجة لطلق ناري والبعض الآخر قطعت حناجرهم، كما نشروا فيديو آخر يظهر مقبرة جماعية للضحايا.
وبحسب ناشطين معارضين فإن مدينة حمص وسط البلاد نالت الحصة الأكبر من الأطفال القتلى حيث سقط فيها ما يزيد على 913 طفلا، تتبعها ريف دمشق التي فقدت نحو 885 طفلا. أما حلب التي لا تزال ساحة معارك بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية فقد قتل فيها 848 طفلا، بينما سقط في محافظة إدلب التي تعتبر في حكم المحررة نحو 582 طفلا.
وتشير “قاعدة بيانات شهداء الثورة السورية” إلى أن 2101 من الأطفال قد سقطوا بسبب القصف الذي تقوم به طائرات النظام على مختلف مدن سوريا، وقتل نحو 260 طفلا برصاص قناصين.
ولم تبرئ منظمة “هيومان رايتس ووتش” الحقوقية المعارضة السورية المسلحة من الانتهاكات بحق الأطفال، حيث ورد في تقرير أصدرته في وقت سابق معلومات عن قيام الجيش السوري الحر باستخدام الأطفال في صفوفه كجنود، ما دفع المنظمة الدولية إلى توجيه الدعوة “لقادة الجماعات المعارضة السورية ومنها الجيش الحر إلى الكف فورا عن أي تجنيد للأطفال أو استخدامهم كجنود، وفرض إجراءات تأديبية على جميع المسؤولين عن هذا الأمر، ومنهم القادة، والتعاون الكامل مع أي تحقيق في استخدام الجنود الأطفال”.
من جانبها، وضعت الأمم المتحدة في تقرير أصدرته نهاية العام الفائت قوات النظام السوري وميليشيات “الشبيحة” التابعة لها لأول مرة على قائمة العار للحكومات والجماعات المسلحة التي تقوم بتجنيد وقتل أو استغلال الأطفال جنسيا في الصراعات المسلحة. وقال التقرير إنه في “سوريا تلقت الأمم المتحدة تقارير عن انتهاكات خطيرة ضد الأطفال منذ مارس (آذار) 2011 عندما بدأت الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد”. وأشار إلى أن “أطفالا أقل من عمر تسع سنين كانوا ضحايا للقتل والتشويه والاعتقال التعسفي والتعذيب والاستغلال الجنسي وتم استخدامهم كدروع بشرية”. ولفت التقرير إلى أن “معظم الحالات التي تم تسجيلها كان الأطفال ضمن ضحايا العمليات العسكرية للقوات الحكومية بما فيها القوات المسلحة السورية وقوات الاستخبارات وميليشيات الشبيحة، في صراعهم المسلح مع المعارضة ومنهم الجيش الحر”.