اجتمع مئات اليونانيين والعرب المؤيدين للثورة السورية في العاصمة اليونانية أثينا وذلك للاحتفال بالثورة السورية وإبداء الدعم لها، في مناسبة تحولت إلى منبر انتقادات لأحزاب اليسار واليمين لمواقفها من تلك الثورة.
المشاركون تجمعوا بدعوة من اللجنة اليونانية السورية لدعم الثورة السورية المؤلفة في أغلبيتها من يونانيين ينتمون لتيارات يسارية مختلفة، ومن شخصيات يونانية بارزة في مجال الفكر والأدب، بالاتفاق مع رابطة السوريين الأحرار في اليونان التي تشكلت منذ بداية الثورة.
وكانت أعداد المشاركين في الحفل من اليونانيين والسوريين أقل من المتوقع، الأمر الذي عزاه المنظمون إلى محاربة أطياف من اليسار لحركة التعاطف مع الشعب السوري, وسفر مئات الأسر السورية التي كانت تقيم في اليونان إلى بلاد إسكندنافية طلباً للاستقرار واللجوء، إضافة إلى جو البلد العام المثقل بالأعباء الاقتصادية.
وتجمع الناشطون اليونانيون والعرب عند الساعة الثامنة مساء أمس الجمعة، حيث عرضوا في بداية الاحتفال فيلما وثائقياً مترجماً إلى اللغة اليونانية يتحدث عن المأساة السورية، وقد أنتجته مجموعة من الشباب السوريين في اليونان، وأثارت الصور المعروضة تنديد الناشطين الذين هتفوا أكثر من مرة بنصرة الثورة وسقوط النظام.
مؤامرة إمبريالية:
وانتقد المتحدثون بشدة القوى والأحزاب اليونانية اليسارية، ولا سيما الحزب الشيوعي اليوناني، لوقوفه إلى جانب النظام السوري الذي يقتل شعبه ليلاً نهاراً، فيما لا يرى المجازر التي يرتكبها ذلك النظام بحق أبناء بلده، وجلَ ما يفعله هو التأكيد على أن ما يجري في سوريا هو مؤامرة إمبريالية يجب إفشالها، وأن الثوار والمتظاهرين هم عملاء للإمبريالية والصهيونية.
كما انتقد المتحدثون الأحوال المزرية التي يخضع لها اللاجئون السوريون في اليونان، حيث دخلت مئات الأسر السورية الأراضي اليونانية خلسة، وذلك سعياً منها للعبور إلى بلاد شمال أوروبا، لكنها علقت في اليونان التي لا تسمح لتلك الأسر بالعبور وترفض في نفس الوقت منحها اللجوء السياسي، فيما يتعرضون في الفترة الأخيرة لهجمات اليمين العنصري بشكل دائم، وإلى التوقيف الدائم من رجال الشرطة.
ومن جانبهم انتقد الخطباء موقف الدولة اليونانية التي قالوا إنها من بين دول أوروبا التي طردت سفراء النظام السوري، اختارت الإبقاء على علاقاتها بهذا النظام، دون اكتراث بما يقوم به بحق شعبه، لكنهم في المقابل أعربوا عن مخاوفهم من ازدياد نفوذ الحركات الإسلامية في دول الربيع العربي.
وكان الموقف من الثورة السورية أثار انقسامات بين اليساريين في اليونان، حيث اتخذ الحزب الشيوعي ذو التركيبة الستالينية، ومجموعات يسارية أصغر موقفاً مسانداً للنظام السوري، فيما وقفت أحزاب يسارية أخرى إلى جانب الثورة السورية.
صمود السوريين:
وبعد الخطاب أهدت فرقة موسيقية يونانية مقاطع موسيقية وأغاني حزينة للثورة السورية، بمشاركة فنانين يونانيين وعرب حيّت من خلالها صمود السوريين، ونادت بالحرية لجميع الشعوب.
وقال الناشط محمود خزام -الذي شارك في التحضير للحفل- إنه كان ثمة معوقات أمام اللجنة التحضيرية للاحتفال، فالموقف الرسمي اليوناني إن لم يكن مع النظام السوري فهو مهادن له على أقل تقدير، كما أن موقف الحزب الشيوعي اليوناني المعارض للثورة أثر على المزاج العام في البلد بشكل سلبي.
وأضاف خزام إن مؤيدي الثورة السورية في اليونان لم يستطيعوا حتى الساعة تقديم نموذج موحد في البلد يقنع القوى السياسية اليونانية بإمكانية الرهان عليهم في إحداث تغييرٍ ما، كما أن أزمة اليونان الاقتصادية أثرت على موقفها الشعبي الذي كان تاريخياً مؤيداً للقضية الفلسطينية، كما أيد قضايا الشعوب العربية مثل العراق ولبنان والسودان، ومن الملفت للنظر الآن أن موقفه ملتبس من الثورة السورية.
وقدر خزام أن الاحتفال سيكون بابا لتنظيم أعمال أخرى أكثر تنظيماً وحضوراً، معرباً عن ثقته أن ثمة قوىً يونانية سياسية واجتماعية لديها الرغبة في المشاركة في هذه النشاطات، وهي تنتظر الفرصة المناسبة.