في الوقت الذي بدأت فيه تركيا في حجز آلاف السوريين على الجانب السوري من الحدود بشكل مؤقت بينما تبذل جهودا مضنية لاستيعاب موجة متزايدة من اللاجئين.. قال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة إن «هناك استمرارا في تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى بلاده؛ حيث وصل عدد الذين دخلوا ليلة السبت الأحد إلى 2329 لاجئا».
وأضاف المعايطة: أن «ما تشهده الحدود الأردنية من ارتفاع متزايد لدخول اللاجئين السوريين يفوق قدرات المخيمات المجهزة لاستقبالهم ويحمل القائمين عليها جهودا كبيرة». وقال إن «الأردن يتعامل معهم انطلاقا من الواجب الإنساني والقومي، مما يحمله المزيد من الأعباء الإضافية على الموارد الاقتصادية». مشيرا إلى أن «كل الجهات المعنية باستقبال اللاجئين تبذل جهودا كبيرة لتأمين الحماية لهم وتقديم جميع الاحتياجات الإنسانية».
على صعيد آخر، سيطرت قوات الأمن والدرك الأردنية على أحداث شغب اندلعت مساء أول من أمس داخل مخيم الزعتري للاجئين بمحافظة المفرق. وقال مصدر أمني أردني إن «المحتجين طالبوا بإخراجهم من المخيم الذي يضم قرابة 15 ألفا من اللاجئين السوريين، إلا أن القوات الموجودة تعاملت مع الموقف وسيطرت على أعمال الشغب التي قام بها عشرات اللاجئين الغاضبين»، مشيرة إلى أن قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق جموع المحتجين.
وقالت مصادر أردنية مطلعة إن «عددا من اللاجئين السوريين بالمخيم قرروا الخروج من المخيم عنوة، طالبين العودة إلى سوريا، ورفضوا الانصياع لقوات الأمن والدرك وقاموا برشقها بالحجارة، قبل أن تبدأ الأخيرة بإطلاق الغاز المسيل للدموع للسيطرة على الموقف».
وتتطلع وزارة الصحة الأردنية إلى مساهمة المجتمع الدولي ودعمه لجهود الأردن الرامية لتقديم الرعاية للاجئين السوريين، بحسب وزيرها عبد اللطيف وريكات، الذي قال إن «الأعداد المتزايدة منهم زادت الضغط على البنية التحية لخدمات الوزارة الطبية».
وأضاف خلال لقائه أمس نائب حاكم ولاية كنساس الأميركية الدكتور جيف كولير: أن «زيادة الضغط على البنية التحتية للخدمات التي تقدمها الوزارة يستدعي تلقي الدعم لجهودها من الهيئات الدولية في مسعى لاستدامة توفير تلك الخدمات». وأوضح الدكتور وريكات أن الأردن يملك الخبرة الكافية لإدارة المستشفيات الميدانية ولديه الكوادر المؤهلة لذلك، بيد أن ما يحتاجه هو الدعم اللوجيستي لهذه المستشفيات ومنها سيارات الإسعاف وغرف العمليات والمختبرات وبنوك الدم ووحدات العناية المركزة والحثيثة والمختبرات والأدوية.
وعلى صعيد ذي صلة، بدأت تركيا في حجز آلاف السوريين على الجانب السوري من الحدود بشكل مؤقت، في الوقت الذي تبذل فيه جهودا مضنية لاستيعاب موجة متزايدة من اللاجئين.
وقال مسؤول تركي وشهود لوكالة «رويترز» إن ما لا يقل عن ألفي شخص فارين من العنف في سوريا منعوا من دخول تركيا الليلة قبل الماضية عند أحد المعابر الحدودية غير الرسمية في إقليم هاتاي بجنوب تركيا. وأضاف المسؤول شريطة عدم الكشف عن اسمه: «لم يعد لدينا أماكن لإيواء هؤلاء الناس.. نعمل على إنشاء أماكن إيواء، وعندما تكتمل فسنسمح لهم بالعبور».
وقال إن «السلطات تقدم للاجئين معونات غذائية وإنسانية عبر سياج الأسلاك الشائكة الذي يمثل أغلب حدود تركيا مع سوريا بطول 900 كيلومتر. وتمنى المسؤول أن يسمح للاجئين بالعبور في وقت لاحق أمس». وزاد عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى المثلين تقريبا خلال الشهرين الماضيين ليتجاوز 80 ألفا، وأعلنت أنقرة بالفعل أنها تواجه صعوبة في استيعابهم. وكان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو قال الأسبوع الماضي إنه «قد لا توجد مساحة في تركيا لإيواء اللاجئين إذا زاد عددهم على 100 ألف»، وأشار إلى أن «الأمم المتحدة ربما تحتاج لإنشاء منطقة آمنة داخل سوريا».
وتدفق ما يزيد على 200 ألف سوري على الدول المجاورة منذ بداية الصراع، وهو ما تجاوز بالفعل تقييما للأمم المتحدة ببلوغهم 185 ألفا بنهاية العام، ويزداد إحباط تركيا التي تشهد أعلى معدل من تدفق اللاجئين، مما تراه استجابة دولية بطيئة. وقال مسؤول تركي ثان لـ«رويترز»: «الأمم المتحدة وآخرون يشيدون بتركيا والدول المجاورة لقيامها بعمل جيد فيما يتعلق بإيواء اللاجئين، لكن كل هذه التصريحات إنما تغطي بالفعل على أزمة»، وأضاف: «قدراتنا كدولة مضيفة باتت مضغوطة.. نواجه الآن صعوبة في التكيف».
وذكر أنه في الوقت الذي وفر فيه عدد من الدول بعض المعونات الإنسانية، مثل الأغطية والخيام، كانت الاستجابة العامة بطيئة. وقال إنه على الرغم من التعهدات التي قطعتها الجهات المانحة لم تتلق تركيا أي مساعدة مالية.
وجرى إيواء كثير ممن فروا في الآونة الأخيرة في مدارس ومراكز رياضية لكن العام الدراسي سيبدأ في غضون أسابيع مما يعني أن هذا لا يمثل حلا دائما. وتسرع تركيا في بناء عدة مخيمات جديدة لكن اللاجئين يصلون بوتيرة أسرع من إنشاء تلك المخيمات. ويؤدي هذا إلى ازدحام المخيمات مما يؤدي بدوره إلى حدوث اضطرابات في بعضها مع تفجر الغضب الذي يفاقمه ارتفاع درجات الحرارة في الصيف بسبب نقص الغذاء والمياه. ويقول مسؤولون أيضا إن العدد الحقيقي للسوريين الذين فروا من منازلهم خلال السبعة عشر شهرا الماضية أكبر من الأرقام الرسمية؛ حيث وصل آلاف من اللاجئين الأكثر ثراء عبر الحدود الرسمية، ويستأجرون أماكن للإقامة في المدن.
وتخشى أنقرة من حدوث تدفق جماعي للاجئين، على غرار ما حدث في حرب الخليج عام 1991، عندما تدفق 500 ألف على تركيا.. وتقول إن ذلك سيكون أحد العوامل التي قد تدفعها إلى إقامة منطقة عازلة داخل سوريا.. لكن أنقرة تمانع في القيام بشكل منفرد بتحرك يرقى إلى حد التدخل العسكري. كما لم تحظ فكرة إقامة منطقة عازلة بقبول يذكر خارج تركيا، التي تعبر بشكل متزايد عن إحباطها من مجلس الأمن لعجزه عن اتخاذ موقف موحد بشأن سوريا.