الجزيرة نت – يشتكي المئات من أبناء الجالية السورية المقيمين بالأردن منذ عشرات السنوات مما يصفونه بالعقاب الجماعي الذي تنفذه بحقهم الحكومة السورية من خلال سفارتها بالأردن بسبب موقفهم المؤيد للثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وهو الأمر الذي نفته السفارة بشدة.
وتتمثل “العقوبات” وفقا لعشرات السوريين الذين قابلتهم الجزيرة نت بحرمان من غادروا سوريا بعد أحداث عام 1980 إثر مجزرة حماة المروعة إبان حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد -قتل فيها 38 ألف سوري وفق تقديرات المعارضة- من تجديد جوازات سفرهم التي بدؤوا أصلا بالحصول عليها منذ عام 2005 فقط، إضافة لوثائق الولادة والوفاة وغيرها الضرورية لاستمرار حياتهم بشكل طبيعي.
جواز سفر:
إيمان محمد بركات -سورية قدمت للأردن طفلة صغيرة من إدلب شمالي سوريا بعد أحداث حماة- تمثل نموذجا للحالات التي اطلعت الجزيرة نت على ما تصفه بمعاناتها بسبب عقوبات السفارة السورية.
وقالت للجزيرة نت “حصلت على أول جواز سفر عبر السفارة السورية في عمان عام 2005 وعند انتهاء مدته العام الماضي تقدمت بطلب تجديد في 16/10/2011 وكلما أراجع السفارة لأسأل عن مصير جواز سفري يجيبونني بأنه لم يصل بعد من سوريا”.
وتقول إيمان إن الأمر عندما تكرر مع مئات السوريين -الذين تعرفهم وبعضهم جرى إبلاغه بأن سبب تأخر صدور الوثائق هو مشاركته بالمظاهرات أمام السفارة تأييدا للثورة- عرفت أنها تتعرض لعقوبة مع أبناء جاليتها.
وتصف معاناتها بالقول “لم أعد قادرة على زيارة ابني الذي يدرس ببريطانيا، وبت ممنوعة مع أطفالي الصغار من السفر ومن القيام بأي معاملة نظرا لأنني لا أملك جواز السفر”.
وختمت بالقول “هذه سفارة لسوريا الوطن وهي موجودة لخدمة المواطن السوري ولا يجوز تحويلها لسفارة لمؤيدي الأسد ومعاقبة الرافضين لاستمرار حكمه، هكذا يقنعنا النظام بإصلاحاته التي يقتل بها السوريين بالداخل ويعاقب بها من هم بالخارج”.
أما زوجها صفوان أبو غالب -والذي يعمل بالتجارة- فتحدث عن مفارقة يرى بأنها عجيبة تتمثل بأنه ممنوع من السفر على جواز سفره المنتهي الصلاحية إلا أنه يسافر مستخدما وثيقة الإقامة التي حصل عليها من بريطانيا.
واتهم السفارة بأنها تعاقب الجالية وقال “تأكدنا من صدور وثائقنا من دمشق وخروجها من وزارة الخارجية منذ أشهر من خلال أشخاص نعرفهم في سوريا، كما أن شخصا استلم جواز سفره في 19/6/2012 ثبت أن الجواز صادر قبل ستة أشهر أي أن السفارة أخفته طوال هذه المدة”.
شهادة وفاة:
وتبدو مشكلة جعفر النجار وأشقائه الـ13 أكثر تعقيدا، فبالإضافة لمعاناتهم من عدم تجديد جوازات سفر بعض أفراد العائلة تضاعفت هذه المعاناة برفض السفارة إصدار شهادة وفاة لوالدهم الذي توفي في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
يقول النجار -وهو من سكان كفر رومة بمعرة النعمان أصلا- “السفارة ما زالت ترفض منحنا شهادة وفاة وتطلب منا إخراج القيد من سوريا وهي تعلم أننا لا نستطيع الذهاب هناك خوفا من الاعتقال”.
وزاد “العائلة كلها تتعرض للعقاب فنحن لا نستطيع عمل حصر إرث أو سحب رصيد والدي من البنك أو التصرف فيه مما عطل أمورنا التجارية والحياتية”.
وتابع “عرض علي صديق سوري في عمان أن يحل مشكلتي ومشكلة أشقائي إن تعهدت بعدم المشاركة بنشاطات الجالية المناهضة للنظام”.
الجزيرة نت اطلعت على وثائق تخص عشرات السوريين الذين تقدموا بطلبات لتجديد جوازات السفر أو إصدار شهادات الولادة أو الوفاة أو تثبيت واقعات زواج وكلها حصلت على بطاقة من السفارة التي توقفت عن التجديد لهؤلاء منذ شهر أغسطس/آب الماضي وفق هذه الوثائق.
موقف السفارة:
وحاولت الجزيرة نت الحصول على رد من السفارة السورية والتي طلب أحد موظفيها إرسال فاكس وهو ما جرى، لكن السفارة وبعد ساعة واحدة من إرسال الفاكس نشرت بيانا على الصفحة الرئيسية للرئيس الأسد على فيسبوك نفت فيه مضمون شكاوى المواطنين السوريين.
وجاء ببيان السفارة “ضمن إطار الهجمة الإعلامية المغرضة التي تقوم بها بعض القنوات الفضائية (الصهيو-وهابية) تجاه الجمهورية العربية السورية ومؤسساتها محاولة تشويه عملها والإساءة لها ومحاولاتها استثمار بعض ضعاف النفوس ممّن رهنوا أنفسهم لأعداء الأمة، فإنّ السفارة إذ تستنكر هذه الهجمة تبيّن أنها تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها ومواطني الدولة المضيفة على أكمل وجه وتقوم باتخاذ كافة المعاملات التي ترِد إليها بشكل يومي وفي بعض الحالات وأيام العطل الأسبوعية والرسمية وضمن الأطر القانونية المعمول بها”.