تحكي قصص لاجئين سوريين المعاناة التي يكابدونها بحثا عن العلاج من إصابات تعرضوا لها على أيدي قوات الجيش النظامي حيث نقل هؤلاء إلى الجانب الأردني من الحدود محمولين على الأكتاف فنجا بعضهم وتوفي آخرون ودفنوا بالرمثا الأردنية.
يروي أبو نضال (58 عاما) أنه قدم إلى الأردن مطلع شهر مارس/آذار الماضي، وقد تكفل بحمله جنود من الجيش الحر ومن يعاونهم من المدنيين مسافة تزيد على ثلاثة كيلومترات تحت جنح الظلام.
وأصيب أبو نضال قبل 8 أشهر برصاص في قدميه عندما كان ينقل بسيارته الطعام والشراب لأبناء الحي ولجنود الجيش الحر الذين قال إنهم يتولون حماية المدنيين من الأمن والشبيحة وجنود الجيش النظامي.
رحلة شاقة:
ويذكر أبو نضال أنه كان في سيارته عندما استهدفه حاجز عسكري بإطلاق الرصاص مما أدى إلى إصابته في القدم حيث انفصل الكعبان عن الرجل، كما تعرض للقصف من قبل دبابة قريبة لدى خروجه من السيارة.
ويتحدث أبو نضال عن رحلته الشاقة مع العلاج، ويقول إنه نقل إلى مستشفى في حي الوعر بـحمص حيث تلقى إسعافات سريعة وطلب منه الأطباء المغادرة خوفا من قوات الأمن والشبيحة الذين يهددون أي مستشفى أو طبيب يساعد الجرحى دون الإبلاغ عنهم، حسب قوله.
ويصف أبو نضال معاناته طوال فترة الإصابة بأنها كانت سباقا مع الموت ويستشهد بتحذيرات الممرضين من احتمال الإصابة بمضاعفات قد تؤدي لبتر رجله اليسرى، وباضطرار المقربين منه لنقله من منطقة إلى أخرى خوفا من مداهمات الأمن.
ويقول إنه وجد سبيلا للانتقال إلى درعا تمهيدا للانتقال إلى الأردن، مشيرا إلى أن جنود الجيش الحر حملوه على الأكتاف أكثر من ثلاثة كيلومترات إلى أن وصل الجانب الأردني من الحدود هو وعائلته التي تعيش بمدينة المفرق الحدودية مع سوريا، وأنه يتلقى العلاج الآن بتبرع من إحدى الهيئات الأردنية.
أما أبو مصعب ونجله الأكبر فإن قصتهما مع “العودة للحياة” بدأت بعد إصابة مصعب في جورة الشياح بحمص أثناء مروره وأصدقاء له بمنطقة حاجز عسكري مما أدى إلى إصابته بشلل نصفي وأجريت له عمليات وتم استئصال إحدى كليتيه وطحاله.
الأب ونجله:
وظل مصعب متنقلا بين مستشفيات ميدانية وعيادات أطباء مدة شهرين ليكتمل فصل المأساة للعائلة بإصابته والده.
يقول أبو مصعب للجزيرة نت “أعمل سائق أجرة وكنت مع زوجتي في السيارة عائدين للمنزل عندما تفاجأنا بإطلاق رصاص كثيف باتجاهنا ولم أشاهد سوى بحر من الدماء تحتي ونجت زوجتي بأعجوبة”.
وتابع الحديث قائلا “نقلت بعد ذلك لمستشفى ميداني بحمص مدة 6 أيام وبعدها تيسر لي عن طريق أقارب أن أنقل إلى دمشق حيث تبين أن العظم لدي قد تهتك برجلي اليمنى ولم يتمكن الأطباء من عمل الكثير إلى أن تمكنت من التواصل مع أصدقاء للوصول إلى درعا تمهيدا للخروج إلى الأردن”.
ويروي أبو مصعب قصة نقله ونجله محمولين على الأكتاف من قبل جنود الجيش الحر، وبألم يروي كيف سقط مصعب عن الحمالة خلال الطريق الموحشة ليلا مرتين إلى أن تمكنوا من الوصول إلى الجانب الأردني حيث أجريت له ولنجله عمليات جراحية.
وطوال رواية أبي مصعب ونجله الذي لم يكن قادرا على الكلام كثيرا كانت أم مصعب تذرف دموعها وتحتسب عند الله وتدعو على الرئيس السوري بشار الأسد.
وبينما كتب لهؤلاء النجاة من الموت، لم يكتب ذلك لآخرين وصلوا إلى الأردن جرحى ثم لقوا حتفهم.
وشيع أردنيون ولاجئون سوريون بمدينة الرمثا الحدودية مع درعا العديد من السوريين الذين توفوا بعد الوصول إلى الأردن، اثنان منهم من عناصر الجيش الحر.
وقضى أحد اللاجئين السوريين بعد إصابته بجلطة فور وصوله إلى الأردن في مشهد يلخص قصص المرض والخوف في طريق الفرار التي لم تعد آمنة بعد استهداف مجموعات من اللاجئين واعتقال بعضهم قبل أيام.
وقد أصبح السوريون والأردنيون يتجاورون ليس فقط في المسكن وفي سرير العلاج، بل أيضا في القبور.