أعرب الناشط السياسي السوري وعضو الأمانة العامة في حزب الشعب الديمقراطي الذي يتزعمه “رياض الترك” “فائق المير” في مقابلة له مع وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، عن قناعته بأن “السلطة السورية لا ترغب بالحوار وغير قادرة عليه أساساً”، وشدد على أن الحل السياسي الوحيد الممكن يبدأ بـ”تخلي الرئيس السوري عن السلطة وقيام حكومة محايدة ومستقلة” في البلاد.
وحول تسارع تطور الأحداث في سورية بشكل أكبر من تحركات المجتمع الدولي قال المير: “من المنطقي أن تتسارع الأحداث كلّما طال الزمن، بمعنى صمود الثورة في مواجهة قمع الطغمة الحاكمة، هذا من الجانب الداخلي”. وأضاف “أما تسارع الأحداث في المرحلة الحالية، فهو ناشئ من تحول الطغمة في مواجهة المتظاهرين إلى حقدٍ على المدن والمدنيين، ونموذجه ما يجري في حمص وإدلب، وهذه الأحداث المأساوية أثّرت وتؤثّر على مواقف الدول العربية والإقليمية والدولية” حسب رأيه.
وحول جدوى المبادرات الدولية تجاه الأزمة، وعلى رأسها التي حملها كوفي أنان المبعوث الأممي العربي، قال: “أعتقد أنّها تفيد نضالنا ضد هذه الطغمة، لأنّها بالمجمل، وبصرفِ النظر عن الحلول المطروحة، أدّت وتؤدي إلى عزلتها والمزيد من الضغوط عليها، وهي برأيي لم تصل حتى الآن إلى مستوى الحسم، لكنني مقتنع أن بربرية السلطة وجرائمها بحقِ الشعب ستدفع بالمجتمعين العربي والدولي إلى التضامن مع شعبنا أكثر وأكثر، وبالتالي سيُحسم الصراع لصالح الشعب، بصرف النظر عن الكيفية التي يتمُّ بها ذلك” وفق تأكيده.
وعن مبدأ الحوار الذي تطرحه معظم المبادرات، قال المير “بداية علينا التوقف عند فكرة قبول النظام للحوار، فمن خلال تجربة المعارضة الديمقراطية على مدى أكثر من أربعين عاماً، رفضت السلطة الحوار مع المجتمع أو المعارضة، وشاهدنا سياسة ممنهجة في إبعاد المجتمع عن السياسة، ومحاربة المعارضة بمختلف الأشكال”، وأضاف “مع ذلك لنفترض أن الطغمة قبلت بالحوار، فباعتقادي أن قبولها آتٍ من ضعفها وتضعضعها الآن، ونتيجة الضغوط العربية والدولية عليها، لكن حسب قناعة المعارضة فإن هذه السلطة على الأرجح لا ترغب بالحوار، بل هي غير قادرة عليه ولأكثر من سبب”.
وحول غموض مفهوم الحوار هذا أوضح المير: “بالفعل مضمون الحوار غامض، ووفق مفهومنا، فإن الحل السياسي الذي يتلائم مع هذه المرحلة ينطلق بالدرجة الأولى من تخلي الرئيس عن السلطة، وقيام حكومة محايدة ومستقلة تنقل البلاد ضمن مهلة زمنية محددة تدريجياً نحو النظام الوطني الديمقراطي من خلال انتخاب جمعية تأسيسية يشارك بها أهل النظام القابلين بالتغيير والديمقراطية ممن لم تتلوث أياديهم بالدم والمال الحرام، هذه الجمعية التأسيسية تضع دستوراً للبلاد وتنتخب رئيساً للدولة، ومن ثم حكومة منتخبة من البرلمان” على حد تعبيره.
وحول السباق بين الحلين السياسي والأمني في سورية، قال “لا أعتقد أن ينجح الحل العسكري من جانب الطغمة الحاكمة في إخماد الثورة رغم كل جرائمها التي ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية (حمص وإدلب) مثلاً، نحن الآن في هذه المرحلة علينا أن نركّز على حماية المدنيين من الإبادة، والضغط على المجتمع الدولي كي يتدخل ويفرض وجوده، كما جرى في بلدانٍ أخرى تعرضت لأحداث شبيهة لما نتعرض له الآن ككوسوفو مثلاً، بهذا المعنى نحن السياسيين نفضل الحل السياسي، ووفق الأولويات التي أشرت إليها، أما مدى نجاحه هذا الحل فهو مرهون بدرجة تجذر وصمود الثورة والتعاطف والدعم الذي نأمله من المجتمعين العربي والدولي”.
وحول الحل الواقعي الذي يمكن أن تقبله كل الأطراف في سورية، قال “المعركة في سورية صعبة ومعقّدة، وهذا التعقيد والصعوبة لا يأتي من كون النظام قوياً للدرجة التي تتصورونها، وإنما آتٍ من ضعف التضامن مع الشعب السوري، فهناك مصالح ومخاوف من البديل القادم لدى بعض الجهات العربية والدولية”. وأعرب عن اعتقاده بأن “صمود الثورة هو الذي سيذلل هذه المصاعب، إضافة إلى نمو قدرات الثوار في مواجهة آلة القمع”.
واختتم قائلاً “لا أدري إذا كان بالإمكان إيجاد حل واقعي تقبله كل الأطراف وفق ما تسعى إليه بعض الدول الكبرى التي تريد أن يبقى جزء من النظام شريكاً مع المعارضة، ما أراه أن الثورة تتجذر باستمرار، وبالتالي من الصعب الجمع بين الماء والنار”.