تدخل ثورة الشعب السوري العظيم بكل أطيافه ومكوناته عامها الثاني من أجل انتزاع الحرية والكرامة من نظام دمر البلاد وقوض الوحدة الوطنية، وأهان الحياة الإنسانية وأهدرها ومارس القمع والبطش والإرهاب، فقتل وسجن وعذب وهجر مئات الآلاف على مرأى العالم ومسمعه.
ورغم المجازر والأفعال الشنيعة التي قام بها النظام، فقد ازداد تصميم السوريين على إسقاطه، وتصاعد نضالهم من أجل دولة المستقبل، حيث لا يكون لفرد أو مجموعة الحق بممارسة أي نوع من السلطة فيها، إذا لم تنبثق بشكل مباشر من الإرادة الحرة للشعب.
إن الظروف الراهنة تقتضي توحيد جهود السوريين جميعا وتركيزها في اتجاه واحد لمواجهة النظام وإسقاطه، لحماية الشعب من بطشه وإجرامه، وإنقاذ البلاد من الطغمة التي تحكمها بالحديد والنار منذ أكثر من أربعة عقود.
وانطلاقا من المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق جميع القوى السياسية المنضوية في إطار الثورة السورية والمساعي المطلوبة لتوحيد جهود المعارضة ورؤيتها، فقد اتفقت القوى والأحزاب السياسية وهيئات الحراك الثوري والميداني والشخصيات الوطنية المستقلة المجتمعة في مؤتمر المعارضة السورية على مبادئ عهد وطني تشكل ركائز أساسية لسوريا المستقبل، تلتقي عليها كافة المكونات، وتتعاهد على تطبيقها والالتزام بها.
نعلن فيما يلي المبادئ الأساسية التي ستبنى عليها الدولة السورية الجديدة:
* سوريا دولة مدنية ديمقراطية تعددية مستقلة وحرة. دولـة ذات سيادة تحدد مستقبلها حسب إرادة الشعب السوري وحده. والسيادة ملك حصري للشعب يمارسها من خلال العملية الديمقراطية.
* تلتزم الحكومة الانتقالية المؤقتة التي تشكل فور سقوط النظام اللاشرعي الراهن بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، تنبثق عنها جمعية تأسيسية تتولى صياغة مسودة دستور جديد، تتضمن المبادئ الواردة في هذا العهد، وتطرح على الشعب للاستفتاء الحر.
* سوريا الجديدة جمهورية ديمقراطية، تقوم على الحياة الدستورية وسيادة القانون الذي يساوي بين المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الديني أو القومي أو الفكري.
* يشكل احترام حقوق الإنسان في كل من الدولة والمجتمع حجر الزاوية في الديمقراطية الوليدة.
* يفخر الشعب السوري بالتعدد الثقافي وتنوع اعتقاداته الدينية إسلامية كانت أو مسيحية أو أي مناهل أخرى. وكلها جزء لا يتجزأ من ثقافتنا ومجتمعنا. سنشارك جميعا في بناء المستقبل كما شاركنا في بناء الماضي. إن قاعدة النظام الديمقراطي الجديد في سوريا ستبنى على الوحدة في التنوع، وتضم الأشخاص والمكونات كافة دون تمييز أو إقصاء.
* يؤكد الدستور عدم التمييز بين أي من مكونات المجتمع السوري الدينية والمذهبية والقومية، من عرب وكرد وآشوريين سريان وتركمان وغيرهم، واعترافه بحقوقهم المتساوية ضمن وحدة سوريا أرضا وشعبا.
* تُنظّم في البلاد انتخابات حرة ونزيهة ودورية، ويقام نظام متعدد الأحزاب، ولن يوضع أي نوع من العقبات أمام المواطنين الراغبين بالمشاركة في الحياة السياسية الديمقراطية في سوريا.
* يعكس المجلس النيابي المنتخب بحرية تامة إرادة الشعب ومصالحه، ويعطي بذلك الشرعية الكاملة للحكومة المنبثقة عنه.
* ينتخب الرئيس السوري بحرية من قبل الشعب أو البرلمان، ولن يكون هناك حكم لفرد أو هيئة معينة، وتحدد صلاحيات رئيس الجمهورية وفق مبادئ الدستور، وبما يتوافق مع فصل السلطات.
* تضمن الحكومة المنتخبة استقلال القضاء ومؤسساته استقلالا تاما لا لبس فيه.
* يضمن الدستور حقوق الأفراد والجماعات، ويلتزم بالشرعة العالمية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، يحمي الحريات العامة والخاصة لجميع المواطنين، بما في ذلك حرية التعبير والرأي والاختيار والعقيدة، وفق المواثيق الدولية.
* تكفل الدولة حقوق المرأة وحريتها، وتحافظ على جميع المكتسبات التي حصلت عليها. مع ضمان حقوقها المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ومشاركتها بالتساوي مع الرجل في جميع المجالات.
* تضمن الدولة الجديدة أعلى درجات صيانة حقوق المكونات الدينية وتوفر حرية ممارسة الدين والعقيدة والفكر.
* تجريم كل أشكال التعذيب والمعاملة المسيئة والممارسات التي تحط من الكرامة الإنسانية مهما كانت الدوافع.
* تكون جميع السلطات الرسمية ومؤسسات الدولة والعاملين فيها في خدمة الشعب وخاضعة له فعليا، وليس العكس.
* لن يسمح لأحد بالإفلات من العقاب، وستعزز بشكل عاجل مبادئ المحاسبة وفق القانون وعبر القضاء العادل.
* تخضع القوات المسلحة السورية للسلطة السياسية، ولن تستخدم بعد اليوم للتدخل في الحياة السياسية أو التدخل للمحافظة على مصالح النظام. وتقوم تحت سلطة الحكومة المنتخبة بخدمة الشعب بأكمله والدفاع عن الوطن. وسيكون أداؤها موضع فخر واعتزاز الشعب السوري برمته.
* إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس دستورية وقانونية لتكون في خدمة الوطن والمواطن تحت رقابة السلطة التشريعية.
* إن العمل على إرساء أسس الديمقراطية والعدالة، لن يترافق قط بأي رغبة في الثأر والانتقام. على العكس من ذلك سوف تتوفر جميع الشروط من أجل تضميد جراح الماضي بحيث تضمن الدولة السورية الجديدة حماية الأفراد والجماعات، وتعمل على تحقيق مصالحة وطنية شاملة، تستند إلى العدالة والتسامح.
* ستأخذ سوريا الجديدة المكانة التي تستحقها بين الدول، وتكون المصالح المتبادلة والعمل المشترك والتعاون العنوان الرئيسي في علاقاتها الإقليمية الدولية. وستبقى دائما في إطار القانون الدولي ومع الأمن والسلام في العالم.
* تستعيد سوريا دورها الفاعل في محيطها العربي، وفي إطار جامعة الدول العربية، لتكون عامل استقرار إقليمي. وتعمل على تعميق التعاون والتعاضد بين الدول العربية.
* تعمل سوريا على تحرير الجولان المحتل بكل الوسائل المشروعة. وتدعم الشعب الفلسطيني في نضاله لاستعادة حقوقه، وتعمل ما تستطيع للمحافظة على وحدة الفلسطينيين ونجاحهم في تحقيق أهدافهم.
* سوف ينتزع الاقتصاد السوري من أيادي النظام السفاح وطغمة النهب والاحتكار وسرقة المال العام، ليوضع في خدمة الشعب السوري برمته. وتعمل الدولة على ترسيخ الحرية الاقتصادية وفق قوانين السوق والمنافسة الشريفة. مثلما تبقى ساهرة على تحقيق العدالة في توزيع الثروة الوطنية وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص ومكافحة الفقر والبطالة والأمية والفساد في عموم الأراضي السورية. إن التخطيط لتطوير اقتصاد حر وتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة تبقى الأساس لرفع مستوى معيشة المواطنين بمختلف شرائحهم ومناطقهم مع التركيز الخاص على المناطق الأكثر حاجة وإهمالا.
سوف ينهي الشعب السوري العظيم قريبا هذه الحقبة السوداء من تاريخ سوريا، وستدخل بلادنا في عهد جديد من الديمقراطية والرخاء تستعيد فيه وحدتها الوطنية الحقيقية بمشاركة وتعاون جميع أبنائها، لتأخذ مكانتها اللائقة بتاريخها وشعبها في المجتمع الإنساني المتحضر. ولن تستطيع قوى الظلام والقهر الغاشمة تغيير مسار التاريخ ومنع الشعب من تقرير مصيره بنفسه.. ومن الانتصار.
عاشت سوريا المستقبل حرة أبية وديمقراطية المجد لشهدائنا الأبرار والنصر للثورة إسطنبول 27 مارس (آذار) 2012